حملت نتائج انتخابات مجلس النواب في دائرة مركز و مدينة طنطا العديد من الرسائل المهمة و كشفت حقائق و أوزان المرشحين و أزاحت الستار عن قوة التحالفات في الجولة الأولي..
أكدت البيانات و الأرقام التي سنستعرضها أن هناك عمل منتج، كما أكدت أن هناك الكثير من الضجيج بلا طحين..
جاءت نتائج الجولة الأولى حاسمة و مؤكدة للتوقعات المنطقية المتسقة مع التفكير العقلاني و المتماهية مع ارض الواقع، فيما كشفت نفس النتائج عن أوهام حاول البعض تسويقها ليخدع نفسه قبل أن يخدع الناخبين..
و قد أعدت مجموعة من المهندسين و الخبراء دراسة معمقة عن نتائج الجولة الأولى و أرقامها و استخلصت مجموعة من الحقائق المهمة
أول هذه الحقائق و أهمها أن التحالف الحزبي كان قويا ومتماسكا بنسبة كبيرة رغم بعض التفاوت في الأرقام التي تحصل عليها كل مرشح، و على وجه الخصوص يمكن القول أن قوة التحالف بلغت مداها بين مرشحا مستقبل وطن المهندس أحمد الجرواني والجبهة الوطنية الدكتور طارق المحمدي، و رقميا تأكد أن المحمدي و الجرواني كانت موجودين في ٧٥ % من الأصوات معا، وهذا يدل على ثبات كتلة التحالف ، و مع الأخذ في الاعتبار وجود مرشحين أخرين في الكثير من القرى و المناطق ، يمكن القول أن التحالف كان بنسبة تقترب من ١٠٠ % مع استبعاد قرى المرشحين الآخرين.. و من هنا نستخلص شكل التحالف و استمراره في المرحلة المقبلة
في مدينة طنطا تبادل الجرواني و المحمدي المركز الأول و الثاني، حيث حل الجرواني أولا في حي أول و المحمدي في المركز الثاني، و في حي ثان حل المحمدي اولا وجاء الجرواني في المركز الثاني، و هو الأمر الذي تكرر في معظم لجان الدائرة عدا قرى المرشحين الآخرين ، و بالطبع لم تكن أرقام ثالث أضلاع مثلث التحالف الدكتور سمير الخولي بعيدة عن أرقام رفيقيه ولم يتقدم عليه في المدينة سوى المرشح المستقل أحمد منير عطية الذي أبلى بلاءا حسنا لكنه لم يتمكن من الوصول لأرقامه السابقة في انتخابات ٢٠٢٠، و ربما ذلك يرجع لظهور عناصر جديدة في طنطا و منهم النقيب محمد خليل نقيب المحامين الذي أثبت أنه رقم قوي في الانتخابات و منافس كبير مستقبلا..
في معظم قرى الدائرة كان مرشحا التحالف الجرواني و المحمدي متواجدين بقوة كتفا بكتف، يتبادلان المركز الأول و الثاني و خلفهم يسعى الخولي بإصرار كبير، و حتى قرى المرشحين المنافسين لم تخلو من أصوات للمحمدي و الجرواني و الخولي مما يؤكد ثبات التحالف و احتمالية نجاحه الكبيرة، خاصة لو اختار المرشحون المستقلون الثلاثة التحالف معا في مواجهة تحالف الأحزاب
وعلى أرض الواقع ظهرت قوة المرشح المستقل الدكتور عبد القوي غلوش الذي تحصل على رقم كبير من خارج قريته بالإضافة لكثافة تصويت كبيرة جدا في برما، و هو ما يضعه في اختبار جدي لكي يقرر مصيره في مرحلة الإعادة و حساب خطواته بدقة متناهية حتى لا يبدد أصواته في كل الاتجاهات..
بالطبع لا يمكن إغفال قوة النائب الحالي للدائرة غباشي بدير و الذي استطاع أن يلحق بقطار الإعادة رغم وجوده في منطقة تعج بالمرشحين، و هو ما يؤكد أن له أرضية معتبرة في الدائرة
و لكن يبقى صعوبة الموقف بالنسبة لوحدة برما التي تشهد وجود ثلاثة من أبناءها في مرحلة الإعادة و هذا ما يزيد صعوبة الأمر بالنسبة لهم خاصة وجودهم في مربع واحد من الدائرة و سيتسببون في إزعاج بعضهم البعض و إفساد التحالفات.
يبقى مفاجأة الانتخابات عبد العزيز إسماعيل ابن قرية الرجدية و التي صوتت له بكثافة كبيرة، لكنه يحتاج جهدا كبيرا و انفاقا اكبر للوصول لكل مكان في الدائرة.
لكن في كل الأحوال هناك حالة من الشك و الريبة بين المستقلين الثلاثة و كل منهم يخشى أن يمنح أصواته للآخرين فيرتفعون فوقه
هذه القراءة أكدت صحة قرار حزب الجبهة بترشيح الدكتور طارق المحمدي و الذي أثبت أنه ليس ابن المدينة ولأنها مركز ثقله فقط، بل أثبت أنه ابن عشرات القرى في الدائرة و اعتقد أن الباب أصبح مفتوحا أمام أصوات أخرى ستختاره بعد خلو الساحة و اقتصارها على ستة متنافسين فقط.
الأمر نفسه ينطبق على المهندس أحمد الجرواني الوجه الجديد الذي استطاع أن يؤكد مكانه كأحد أهم المتنافسين و خلفه قواعد حزب مستقبل وطن في كل قرى الدائرة..
و هذا ما يجعل من تحالفهما معا في جولة الإعادة بمثابة تأكيد لقوة التحالف و ثباته و معهما بالطبع ثالث الأضلاع الدكتور سمير الخولي..
يبقى القول أن الانتخابات شهدت بعض الظواهر الإيجابية للمستقبل
أولها أن المرشح الشاب محمد الغزيري وجه قادم بقوة، استطاع ان يحصل على ما يقارب ١٠ آلاف صوت رغم وجوده ضمن ٥ مرشحين في كتلة تصويتية واحدة "شقرف وتلبنت"، بالإضافة إلى تواجده في كل صناديق لجان الدائرة باختلاف النسبة. و هو ما يؤكد أنه سيكون رقما في المعادلة مستقبلا،
ثانيا المرشح محمد خليل نقيب المحامين و الذي نافس بقوة و شرف و حقق رقما يضعه ضمن كبار الدائرة و يضمن له عودة قوية في جولة مقبلة ، لكنها تحتاج مزيد من العمل الجماهير ي مع الناس في الشارع
ثالثا خطاب المرشح أحمد عبد ربه كان خطابا جيدا لكنه وقع في خطأين أولهما تأخره في الظهور في الدائرة و العمل وسط الجماهير لفترة طويلة ، و الثاني الكاراكتر الذي وضع نفسه فيه بالخناقة أمام لجنة تلقي طلبات المرشحين
رابعا هناك مرشحين آخرين عليهم أن يقرأوا النتائج بعقل واعي و يتبدروا أمرهم بعد هدوء العاصفة و يقرروا ان هذه الدائرة ستبقى عصية عليهم ، في ظل ارقامهم المتواضعة جدا بالقياس بما يصدر عنهم من صخب و ضجيج غير مبرر.