رئيس مجلس الإدارة
شريف عبد الغني
رئيس التحرير
ناصر أبو طاحون
رئيس التحرير التنفيذى
محمد عز
  1. الرئيسية
  2. وجهات نظر

الشيخ أبو بكر الجندي يكتب عن: شكر الناس

رغم أن الإحسان كله من الله والفضل كله من الله إلا أن الله تعالى لا يقبل شكراً من أحد حتى يشكر الناس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لاَ يَشْكُرُ اللهَ مَنْ لاَ يَشْكُرُ النَّاسَ، وقَالَ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ"؛ لأن شكر الناس فيه تقليل لشرهم، وتشجيعٌ لهم على مداومة المعروف واستمرار للبذل والعطاء، وهو في ذات الوقت من مثبتات المحبة والمودة بين الناس، فمن محاسن الأخلاق وجميل الصفات أن يحفظ الإنسان الجميل، وأن يرد الجميل بأجمل منه، فـ {هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ}[الرحمن: 60].
حتى بين المتخاصمين فقد نطق القرآن بحفظ الجميل ولو يسيرا ولو كان قديما فقال تعالى للمطلَقين: {وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ}[البقرة: 237]من حفظ الجميل، وتَذَكُّرْ الفضل والعشرة التي تخفف العداوة، وتدعوا للعفو، وهذه الوصية القرآنية قبل الدخول في حال طلاق، فما يقال في حال المودة والوفاق؟ فكيف بما يجري بين الأزواج من الاتحاد وامتزاج؟! 
والنبي صلى الله عليه وسلم يحفظ الجميل لأم المؤمنين خديجة رضي الله عنها حتى وهي ميتة، فقال في حقها بعد وفاتها: " والله ما أبدلني الله عز وجل خيرا منها، قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله عز وجل ولدها إذ حرمني أولاد النساء".
وهذه المرأة التي يمدحها زوجها، ويقول لا أدخل على زوجتى بأي شيء إلا وتشكرني وتدعوا الله لي، ويقول مفترضاً: حتى لو دخلت عليها بكيس تراب لشكرتني ودعت الله لي؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: "من أتى إليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا فادعوا له، حتى يعلم أن قد كافئتموه"، وأولى الناس بالدعاء والمكافأة هما الوالدان شكراً لهما على فضلهما، كما قال تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا}[الإسراء: 24].
 وهذا النبي صلى الله عليه وسلم وشكره للناس وحفظه لجميلهم، حيث قال: "رحم الله أبا بكر زوجني ابنته، وحملني إلى دار الهجرة، وأعتق بلالا من ماله، رحم الله عمر، يقول الحق وإن كان مرا، تركه الحق وما له صديق، رحم الله عثمان، تستحييه الملائكة، رحم الله عليا، اللهم أدر الحق معه"، ودعا لأنس بن مالك الذي خدمه عشر سنين فقال: "اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته"، ودعا لابن عبد الله بن عباس الذي كان يأتيه بطهوره، فقال: "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل".
وهذا المنهج النبوي كان عاماً مع كل الناس حتى قال صلى الله عليه وسلم: "ما لأحد عندنا يد إلا وقد كافأناه ما خلا أبا بكر فإن له عندنا يدا يكافئه الله به يوم القيامة، وما نفعني مال أحد قط ما نفعني مال أبي بكر، ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ألا وإن صاحبكم خليل الله، وهذا من حسن الثناء الذي أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال: "مَنْ أُعْطِىَ عَطَاءً فَوَجَدَ فَلْيَجْزِ بِهِ وَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيُثْنِ"، أي يمدح صاحب المعروف والجميل على معروفه وجميله؛ حتى تنتشر ثقافة الجميل والمعروف بين الناس.