أكد الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، استعداد مصر لتعزيز التعاون مع روسيا لتنفيذ مشروعات وبرامج تعاون ثلاثي في الدول الأفريقية، خاصة في مجالات البنية التحتية والطاقة المتجددة وبناء القدرات.
كما أكد الوزير خلال ترأسه اليوم السبت الجلسة العامة للمؤتمر الوزاري الثاني لمنتدى الشراكة الروسية-الأفريقية أن المؤتمر يعكس عمق العلاقات التاريخية التي تجمع القارة الأفريقية بروسيا الاتحادية، مشيرا إلى ما تحمله هذه العلاقات من شراكة وآفاق واعدة للتعاون والعمل المشترك.
وأوضح وزير الخارجية أن الشراكة الإفريقية-الروسية، منذ إطلاق أول قممها في سوتشي عام 2019 برئاسة مصرية-روسية مشتركة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تمثل إحدى تجارب النجاح في تعزيز التعاون الدولي بين شركاء تجمعهم قواسم مشتركة، خاصة في عالم يشهد تحولات متسارعة وتراجعًا في فاعلية آلياته التقليدية.
كما أكد أن استقرار النظام الدولي يرتبط ارتباطًا وثيقًا باحترام القواعد الحاكمة للعلاقات بين الدول، وعلى رأسها مبادئ السيادة وعدم التدخل في الشئون الداخلية وعدم فرض الوصاية أو الإملاءات، والالتزام بالحلول السياسية للنزاعات، مشددا على أن إصلاح النظام الدولي وجعله أكثر استجابة لمتطلبات وتحديات اليوم لم يعد خيارا، بل ضرورة.
وأبرز أن أفريقيا، بما تمتلكه من فرص وإمكانات بشرية واقتصادية وسياسية، يجب أن تكون في طليعة الأطراف الفاعلة في هذا النظام، مؤكدا التزام القارة بموقفها الموحد إزاء إصلاح مجلس الأمن الدولي، والدعوة إلى إصلاح هياكل التمويل الدولية وجعلها أكثر استجابة لاحتياجات الدول الأفريقية، خاصة فيما يتعلق بنقل التكنولوجيا وإتاحة التمويل الميسر.
وأشار وزير الخارجية إلى أن الشراكات الأفريقية الفاعلة تقوم على التكافؤ والاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، وتراعي الأولويات التنموية لأجندة أفريقيا 2063 بعيدا عن أطر التعاون المؤقتة أو المشروطة.
ونوه بأن البعد الاقتصادي والتنموي يمثل محورًا أساسيًا في مسار التعاون الإفريقي-الروسي، لا سيما في ظل التحديات التي تواجه العديد من دول القارة في مجالات الأمن الغذائي والطاقة والبنية التحتية ونقل التكنولوجيا، بما يستوجب تعزيز الاستثمارات المشتركة، ودعم مشروعات الإنتاج والتصنيع، وتبادل الخبرات، خاصة في المجالات البازغة كالأمن السيبراني والتطبيقات التكنولوجية.
وأكد الوزير أنه لا يمكن تحقيق التنمية دون بيئة آمنة ومستقرة، مشددا على إيمان مصر بأهمية الملكية الوطنية وصون مؤسسات الدول، والالتزام بمبادئ الاتحاد الأفريقي في الحفاظ على سيادة ووحدة وسلامة أراضي دوله.
ودعا إلى تبني مقاربة شاملة سياسية وتنموية واجتماعية وفكرية تراعي الأسباب الجذرية للنزاعات وتحديات الإرهاب، في إطار العلاقة الترابطية بين السلم والأمن والتنمية، بما يشمل الاستثمار في البنية التحتية والتعليم والصحة، وتمكين الشباب والمرأة، وتعزيز قدرات مكافحة الإرهاب، وبناء مؤسسات قوية، وتوفير تمويل مستدام وقابل للتنبؤ لعمليات دعم السلام الأفريقية، وتفعيل برامج إعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات، لا سيما من خلال مركز الاتحاد الأفريقي لإعادة الإعمار الذي تستضيفه القاهرة.
وأشار وزير الخارجية إلى ما يشهده محيط مصر الإقليمي من تحديات سياسية وأمنية وإنسانية جسيمة، مستعرضا الجهود المصرية المكثفة للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بالتعاون مع الشركاء الدوليين والإقليميين، والسعي لإيجاد حل للأزمة في السودان، ودعم الحل السياسي الليبي-الليبي دون تدخلات خارجية، والعمل على توفير تمويل مستدام لبعثة الاتحاد الأفريقي للدعم والاستقرار في الصومال، وصون أمن البحر الأحمر وحماية حرية الملاحة فيه، إلى جانب دعم جهود مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل، واستعادة الاستقرار في منطقة شرق الكونغو.
وجدد الوزير رفض مصر لأي إجراءات أحادية في منطقة القرن الأفريقي أو البحر الأحمر من شأنها المساس بسيادة دول المنطقة أو زيادة حدة التوتر الإقليمي والدولي، مشيرا إلى أن مصر تبذل جهودا حثيثة لتعزيز التعاون مع دول حوض النيل، مؤكدا في الوقت ذاته على احتفاظها بحقها في اتخاذ ما يكفله القانون الدولي من إجراءات لحماية أمنها المائي.
وترأس وزير الخارجية الجلسة العامة مع سيرجي لافروف، وزير خارجية روسيا، وتيتي أنطونيو، وزير خارجية جمهورية أنجولا، الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي.