رئيس مجلس الإدارة
شريف عبد الغني
رئيس التحرير
ناصر أبو طاحون
رئيس التحرير التنفيذى
محمد عز
الأخبار العاجلة :
  1. الرئيسية
  2. وجهات نظر

الشيخ أبو بكر الجندي يكتب عن: احترام العادات والتقاليد

في مشهد غريب من السفير اليباني في دولة خليجة وفي مأدبة طعام مع بعض أهل الخليج, وهو يتناول الطعام بأصابعه مباشرة مثل المضيفين دون عصاته أو ملعقته, فسُئِل عن هذا فقال: أحترم عادات وتقاليد أهل البلد, فالعادات والتقاليد تختلف من قبيلة لأخرى ومن زمان لزمان ومن بلد لبلد وفي ذات البلد الواحد ما بين شرقه وغربه وشماله وصعيده, وفي احترام عادات الناس وأعرافهم احترام للناس أنفسِهم، وفي إهمال هذه الأعراف والتقاليد هي  مهانة لهم ـ في نظرهم ـ لا يقبلونها, وبالتالي يهينون من يهينهم في مساكنهم أو ملبسهم أو مأكلهم أو مشربهم أو جلوسهم أو ركوبهم أو لغاتهم ولهجاتهم أو أفراحهم أو أحزانهم.
وكان موقف الإسلام مع كثير من هذه الأعراف والتقاليد المرونة والسهولة, فقد سكت الشرع الحنيف عن أغلبها الأعم  دون إقرار لها أو إنكار؛ مراعاة لأحوال الناس ونفسياتهم وحفاظاً على موروثاتهم الثقافية والتقليدية، أي أن الشرع لم يلزمنا بأعراف معينة, ولم ينكر علينا عرفاً معينا, إلا عرفاً خالف صريح الشرع, كعرف بعض البلدان في كثرة الذهاب للسحرة والعرافين.
فالنبي صلى عليه وسلم يوضع أمامه لحم الضب فلا يتقبله ولا يستسيغه, وفي ذات الوقت يترك من حوله يأكلونه دون إنكار عليهم, ويراسل هرقل وكسرى وقيصر ويلقبهم بألقاب التعظيم، كما تعارفت على ذلك شعوبهم, ويترك إعادة بناء الكعبة على قواعد إبراهيم كاملة؛ مراعاة لما تعارف عليه الناس من تعظيم الكعبة وأن المساس بها خط أحمر؛ لأن جماهير الناس قد توارثوا هذه العادات منذ طفولتهم جيلاً بعد جيلٍ، ويصعب تغييرها إلا مع مرور وقت طويل، بالزيادة عليها أو تغيرها أو إهمالها.
وفي واقعة (المتروا) الشهيرة واستنكار الرجل المُسِن على امرأة جلست أمامه وقد وضعت أحد رجليها على الأخرى, حتى عنفها تعنيفاً شديداً, وهي ترد عليه بنفس الطريقة مع ارتفاع أصواتهما، فالمرأة لم تفعل منكراً من الناحية الشرعية, فللإنسان أن يجلس كيفما يشاء ولكن استنكار الرجل على مخالفتها للعادات والتقاليد التي تربى عليها, وأن هذه الجلسة بهذه الطريقة تدل في نظره على عدم الاحترام خصوصاً لو كانت من امرأة أو شاب صغير في وسط الكبار؛  لذا نلتمس العذر له، كما نلتمس العذر أيضاً للسيدة الكريمة فهي لم ترتكب فُحشاً أو جرماً, وربما لا تستريح إلا بالجلوس بهذه الطريقة.
  ولكن ينبغي التنبيه على عدة أمور أهمها:
ـ أن معرفة الأعراف والتقاليد والالتزام بها فيه راحة كبيرة للإنسان وللناس من حوله.
ـ أن الأماكن العامة كوسائل المواصلات والحدائق والجامعات تحتاج إلى التحفظ ومزيد من الإلتزام بالذوقيات والأخلاقيات الراقية، والتي من خلالها يحكم السائح أو الغريب على أهل البلد بالتحضر أو التسيب، أما الإنسان في خاصة نفسه أو في بيته فله أن يتخفف من هذه القيود الخارجية كيفما شاء.
ـ أن العنف لا يجلب إلا العنف, والشدة لا تجلب إلا الشدة, وكان على الرجل الكبير أن يغلف نصيحته للمرأة بالرفق واللين, فما كان الرفق في شيء إلا زانه، وما نزع الرفق من شيء إلا شانه.
ـ أن كبار السن أولى بالرفق واللين, حتى أن مجرد الجلوس الطبيعي وبجوار الراكب رجل مسن أو امرأة مسنة دون القيام لهم وتفضيلهم بالجلوس يعد عيباً أو قلة ذوق في نظر الكثيرين.

أبو بكر الجندي