رئيس مجلس الإدارة
شريف عبد الغني
رئيس التحرير
ناصر أبو طاحون
رئيس التحرير التنفيذى
محمد عز
الأخبار العاجلة :
  1. الرئيسية
  2. وجهات نظر

حسام فوزي جبر يكتب عندما يسقط القناع عن الوجه الملائكي

لم تكن ريهام عبد الغفور بالنسبة لي مجرد ممثلة موهوبة، بل صورة ذهنية ارتبطت عبر سنوات بالهدوء والاتزان والاختيارات الفنية المحترمة ذات وجه ملائكي، تقدم أداء ناضج، ومسافة محسوبة دائمًا بينها وبين الابتذال ولذلك، كانت الصدمة مضاعفة، ليس فقط في ظهورها الأخير، بل في طريقة التعامل مع الانتقادات التي تلت هذا الظهور.

في البداية، لم أصدق قلت في نفسي إن الصورة مفبركة، أو أن الحساب الذي نشرها مزور ريهام عبد الغفور ابنة الراحل أشرف عبد الغفور -(زكريا غانم كما كان أسمه الحقيقي كما أبلغني والدي لانه كان زميله بالدراسة)- التي عرفناها لم تفعل هذا وهي أصغر سنًا، فكيف تفعله اليوم، حتى انفعالها على المصور، وتعليقها الحاد، حاولت أن أجد له مبررًا افترضت حسن النية، وقلت ربما هناك سوء فهم أو اجتزاء للمشهد.

لكن بيان نقابة الممثلين الذي هاجم المصور والصورة، بدل أن يناقش جوهر الأزمة أكد أن الصورة صحيحة وأن المشكلة ليست في النشر بل في ما تم ارتداؤه وما أعقبه من ردود أفعال هنا تحولت الصدمة إلى خذلان، والمشكلة الحقيقية ليست في فستان، ولا في صورة، بل في منطق الدفاع كان يمكن أن تمر الأزمة باعتذار بسيط يحترم الجمهور، أو على الأقل بصمت ذكي لكن ما حدث هو العكس تمامًا فكان هجوم، اتهامات، وتحويل المصور إلى متهم بتشويه صورة الفن، وكأن المشكلة جاءت من عدسة الكاميرا لا من المشهد المخجل نفسه.

وهنا يبرز سؤال جوهري من الذي يشوه صورة الفن والفنانين فعلًا هل هو المصور الذي ينقل الواقع كما هو؟! أم بعض الفنانات والراقصات اللاتي يتعاملن مع العري وكأنه حرية شخصية بلا أي اعتبار للسياق الاجتماعي والثقافي الذي ينتمين إليه والوسط المجتمع الشرقي الذي يعشن فيه فراحت هذه تتعري وآخري ترتمي في حضن زميل وثالثة توزع قبلات علي كل زملائها من الرجال وكأننا لابد أن نقبل ولا حق لنا في النقد.

ولكن أكتب هنا اليوم لأقول أن الفن لا علاقة له بالتعري وهذه حقيقة تاريخية لا تقبل الجدل مصر عرفت فنانات خالدات لم يحتجن يومًا إلى كشف الجسد لفرض الحضور أو تحقيق النجاح وعلي سبيل الذكر لا الحصر سميحة أيوب أمينة رزق عبلة كامل آثار الحكيم صابرين فردوس عبد الحميد، وغيرهن كثيرات حتى هند رستم نفسها، التي لُقبت بملكة الإغراء، لم تكن ملابسها بهذا القدر من الفجاجة أو الاستعراض المجاني.

النجاح الحقيقي كان دائمًا مرتبطًا بالموهبة والاحترام والقدرة على لمس وجدان الجمهور، لا بإثارة الجدل المؤقت على منصات التواصل وداخل الأروقة الضيقة الفهم والدين المشكلة أن بعض الفنانات اليوم يخلطن بين الجرأة والابتذال، وبين الحرية والاستفزاز، ثم يتعجبن من غضب الشارع.

نحن نعيش في دولة لها طبيعة خاصة جمهورها مسلم ومسيحي، لكنه في الحالتين جمهور متدين بطبعه تحكمه عادات وتقاليد شرقية راسخة هذا الجمهور هو من صنع النجومية، ومن حقه أن يعترض ومن واجب الفنان أن يحترم حساسيته لا أن يتعامل معه بتعال أو اتهام بالتخلف.

الأمر الأكثر إزعاجًا هو ازدواجية المعايير نرى بلوجرز يتم ملاحقتهم وتحرير محاضر ضدهم بتهمة تشويه صورة المجتمع، بينما تمر تصرفات مشابهة من فنانات دون أي مساءلة، رغم أن التأثير هنا أوسع وأخطر فالبلوجر يقلد الفنان والجمهور يتأثر بما يراه على الشاشة والسجادة الحمراء أكثر مما يراه على حساب شخصي عابر.

السؤال المشروع الذي يفرض نفسه لماذا لا تكون هناك محاسبة عادلة للجميع لماذا يُترك المشهد الفني بلا ضوابط، ثم نغضب من تقليد الشارع له القدوة ليست كلمة إنشائية، بل مسؤولية حقيقية، وهنا يجب ان أوضح أن هذا المقال ليس دعوة للوصاية ولا محاولة لمصادرة الفن أو تكميم الأفواه هو فقط صرخة غاضبة من مشاهد يشعر فيها المشاهد البسيط أن ما تبقى من صورة راقية للفن المصري يتآكل يومًا بعد يوم، الخطر ليس في فستان، بل في المسار.

ريهام عبد الغفور التي كنت أعشق النظر إلي وجهها البريء ومشاهدة آدائها الراقي كانت ولا تزال ممثلة موهوبة، لكن الموهبة وحدها لا تكفي إذا لم يصاحبها وعي بالرسالة وبالشارع وبالتاريخ وهنا لابد أن أذكر لريهام وغيرها أن الاعتذار ليس ضعفًا، واحترام الجمهور ليس رجعية، ومراجعة النفس فضيلة غائبة في زمن الدفاع الأعمى.

الفن المصري أكبر من أي فستان، وأعمق من أي لقطة، وأحق بالاحترام من أن يُختزل في معارك جانبية مع مصور أو منشور على فيسبوك والمطلوب ليس هجومًا ولا تشهيرًا بل عودة إلى البوصلة إلى الفن الذي يحترم نفسه فيحترمه الناس ويعيش لأجيال وأجيال نفخر به فيدوم ويعيش أكثر ما يعيش الفنان والمشاهد.