رئيس مجلس الإدارة
شريف عبد الغني
رئيس التحرير
ناصر أبو طاحون
رئيس التحرير التنفيذى
محمد عز
  1. الرئيسية
  2. وجهات نظر

إيهاب زغلول يكتب: حين تكون خدمة الناس أمانة لا وسيلة للوجاهة !!

خدمة الناس ليست بابًا للمتاجرة ولا وسيلة لتحقيق المكاسب الشخصية، وإنما هي أمانة أخلاقية وقيمة إنسانية سامية، لا ينهض بها إلا من أدرك أن العطاء مسؤولية قبل أن يكون امتيازًا، ورسالة قبل أن يكون منصبًا. فهي فعل نابع من الضمير، لا تحركه حسابات الربح والخسارة، ولا تحكمه اعتبارات الظهور أو الوجاهة.

لقد اختزل البعض مفهوم خدمة الناس في السعي إلى المقاعد والمناصب، وكأن الطريق إلى الخير لا يُفتح إلا من أبواب التمكين والنفوذ، بينما الحقيقة أن خدمة الناس تبدأ من الإحساس بالآخر، ومن القدرة على التخفيف عن آلامه، ولو بكلمة صادقة أو موقف مشرف. فكم من إنسان بسيط، لا يحمل لقبًا ولا صفة، كان أصدق أثرًا في حياة الناس من أصحاب النفوذ.

إن خدمة الناس عبادة خالصة إذا صَحَّت النية، وقد قرنها الإسلام بالإيمان والعمل الصالح، وجعل نفع الناس من أحب الأعمال إلى الله، كما جاء في حديث النبي ﷺ:
"أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس، وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم"،وهو مبدأ يرسخ أن قيمة الإنسان تُقاس بما يقدمه للآخرين، لا بما يحصل عليه منهم.
ومن المفاهيم التي تحتاج إلى تصحيح، الربط بين تقديم الخدمة وانتظار المقابل، فالعطاء الحقيقي لا يُقايَض بالمصلحة، وإنما يُحتسب أجره عند الله، فصنائع المعروف باقية، وأثرها ممتد، وقد تكون سببًا في رفع البلاء ودفع الشر، قبل أن تكون وسيلة لإصلاح واقع أو حل مشكلة.
كما أن هناك خلطًا شائعًا بين الأدوار والمسؤوليات، فالدور التشريعي والرقابي هو الأساس في عمل البرلماني، أما الخدمات المحلية فهي من صميم عمل الجهات التنفيذية، ويأتي دور النائب في الدعم والتقويم والمتابعة، لا في الحلول الفردية أو توظيف الخدمات لأغراض انتخابية ضيقة، فالتكامل بين المؤسسات هو السبيل الحقيقي لتحقيق الصالح العام.

إن من أراد أن يخدم الناس بحق، فليبدأ من موقعه، أيا كان هذا الموقع، فالعطاء لا يحتاج إلى منصب، وإنما إلى نية صادقة، وإرادة واعية، وشعور حقيقي بالمسؤولية تجاه الوطن والناس. وقد أمرنا الله تعالى بحسن القول والعمل، فقال سبحانه:﴿وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا﴾،وقال أيضًا: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا﴾.

وحين ندرك أن خدمة الناس أمانة، وليست وسيلة للمصالح، نكون قد وضعنا أقدامنا على الطريق الصحيح، طريق العمل الصادق، والبذل الخالص، حيث لا يبقى إلا الأثر الطيب، ولا يخلد إلا العمل الصالح، وتظل صنائع المعروف شاهدة على أصحابها في الدنيا، ورافعة لميزانهم في الآخرة.