رئيس مجلس الإدارة
شريف عبد الغني
رئيس التحرير
ناصر أبو طاحون
المشرف العام على التحرير
محمود الشاذلى
رئيس التحرير التنفيذى
محمد عز
  1. الرئيسية
  2. وجهات نظر

الشيخ أبوبكر الجندي يكتب: الاحتفال بأعياد الربيع

في مثل هذه الأيام من كل عام تكثر الفتاوى حول عيد شم النسيم ما بين مجيز ومبيح للاحتفال به، وما بين مفسق ومبدع ومكفر لمن يحتفل به، فهل حقا الاحتفال بشم النسيم يُعد كفراً؟ وتتضح الإجابة عن هذا في النقاط التالية:
أولاً: أعياد شم النسيم أو ما يسمى بأعياد الربيع من الناحية التاريخية كانت موجودة عند المصريين القدماء، وذلك قبل ميلاد عيسى ابن مريم عليه السلام، فالناس لا يُهَنئون المسيحيين بأعياد الربيع وشم النسيم فقط، بل يُهَنئون به كل أحد وأصبح الفرح الجماعي بقدوم الربيع بخيراته وبركاته عيداً وطنياً واجتماعياً لكل الناس.
ثانياً: على مر التاريخ ارتبطت بشم النسيم وأعياد الربيع معتقدات كثيرة، والكل في هذه المعتقدات يدعي الحق المطلق لنفسه والباطل لغيره، ونحن لا شأن لنا في أمر الأديان والمعتقدات، ولكل إنسان ما يعتقده وحسابه عند ربه: {لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}[الكافرون: 6]، فتهنئة النصارى لا يفهم منها أن هذا كفر أو إقرار بباطل بكفر.
ثالثاً: وعلى فرض أن هذه الأعياد خاصة بالمسيحين، فلا تعني تهنئتهم أن ذلك كفرا؛ لأنه وعلى العكس حينما يهنئ المسيحيُ المسلمَ بعيد الفطر أو الأضحى هل يكون بذلك قد دخل في الإسلام وكفر بدينه وأقر بعقيدة غير عقيدته؟ الجواب لا. وكذلك حينما يهنئ المسلمُ المسيحيَ بهذه الأعياد فهذا ليس بكفر ولا إقرار بباطل، وقد صح عن النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ أنه أنزل وفد نصارى نجران في مسجده وحانت صلاتهم فصلوا فيه وذلك عام الوفود ـ كما ذكر ابن القيم في أحكام أهل الذمةـ وَعَظَّمَ ما يعظمه المسيحيون وأرسل إلى هرقل فعظمه، وقال من محمد بن عبد الله إلى هرقل عظيم الروم، وإلى قيصر عظيم مصر، وإلى كسرى عظيم فارس، فهل في تعظيمهم إقرار على أديانهم وما يعتقدون. وحينما أباح القران الكريم الزواج من المسيحيه التي تقول: إن المسيح ابن الله والزواج من اليهودية التي تقول عُزير ابن الله هل في هذا إقرار على عقائدهن؟ ليس في هذا إقرار على عقيدة غير عقيدة الإسلام إلا في عقل وظن المتشددين.
 أما كلام ابن تيمية عن أعياد غير المسلمين وعن الولاء والبراء فهو كلام منزوع من سياقه التاريخي حيث كانت الحروب قائمه بين المسلمين والمسيحيين وحملات التتار المعتدين على بلاد المسلمين على أشدها فلا يليق بنا أن نسقط فتواه المتشددة حينئذٍ على الأقباط والمسيحيين المُسالمين من أبناء مصر اليوم، بل الواجب علينا الحفاظ على روح المسالمة والألفة والمودة بين أبناء الوطن الواحد، ولا نترك فكرة يتخلل الشيطان منها لتفكيك وحدة الصف للشعب والجيش المصري. 
وأخيراً: هل يجوز للمسلم أن يهنئ الدواعش والإرهابيين الذين يحملون السلاح على الناس بعيد الفطر وعيد الأضحي والأعياد الإسلامية وهم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؟! الجواب لحضراتكم.
وبعد هذه المناقشة يتبين من خلالها أنه لا مانع شرعاً من تهنئة الناس جميعاً من المسلمين والمسيحين بأعياد الربيع وشم النسيم.