رئيس مجلس الإدارة
شريف عبد الغني
رئيس التحرير
ناصر أبو طاحون
المشرف العام على التحرير
محمود الشاذلى
رئيس التحرير التنفيذى
محمد عز
  1. الرئيسية
  2. وجهات نظر

الشيخ أبو بكر الجندي يكتب: أخلاق الصائمين

ما الفرق بين الصيام والصوم؟
الأخلاق بداية هي أقصر طريق إلى الله تعالى, وذلك لسببين:
الأول: مكانة الأخلاق العالية والتي قال فيها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ : "أكمل المؤمنين أيمانا أحسنهم خلقاً",  وفي الحديث: "إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً", وفي الحديث أيضاً: "أثقل شيء في الميزان عند الله حسن الخلق".
الثاني: أن الأخلاق تحفظ الطاعات وتصون الحسنات من الضياع, حيث يكون الحساب يوم القيامة بين المتشاحنين بالحسنات والسيئات؛ ولهذا كانت المهمة النبوية الأولى هي الأخلاق كما في الحديث: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".
ومن أهم أهداف العبادة هو تحسين الأخلاق وتجويد التعامل مع الناس جميعاً, فالصلاة الخاشعة: {تَنۡهَىٰ عَنِ ٱلۡفَحۡشَآءِ وَٱلۡمُنكَرِ}[العنكبوت: 45], والحج المبرور لا: {رَفَثَ وَلَا ‌فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ}[البقرة: 197] فيه, والصيام قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "إذا كان يوم صوم أحدكم، ‌فلا ‌يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله، فليقل: "إني صائم".
والصيام دورة أخلاقية مكثفة؛ لأن الصائم في حالة صفاء ونقاء بسبب كسرة الجوع والعطش, وللصوم انعكاسات نفسية حميدة تتجلى في رقة المشاعر، ونبل العواطف، والابتعاد عن المشاحنات والسلوك العدواني.
والصيام طاعة, والطاعة تزيد في الإيمان, والإيمان يهذب الأخلاق, والأخلاق بذاتها تحفظ الطاعة, وتصون الحسنات؛ لأن الطاعة مهما كَثُرت وعظمت إذا لم تهذب الأخلاق فمصيرها النار, فسَيء الأخلاق يُضيع حسناتِه وطاعتِه بسوء خلقه ويكون يوم القيامة مفلساً, ويأتي بصلاةٍ وصيامٍ وزَكاةٍ، ويأتي وقَدْ شَتَمَ هَذَا، وقَذَفَ هَذَا، وسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، وهَذَا مِنْ حَسناتهِ، فإنْ فَنِيَتْ حَسَناتُه قَبْل أنْ يُقضى مَا عَلَيهِ، أُخِذَ منْ خَطَاياهُم فَطُرِحَتْ عَلَيهِ، ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ", فلا قيمة للعبادة من دون أخلاق العابدين, ولا قيمة للصيام من دون أخلاق الصائمين؛ ولهذا  جاء في الحديث: "من لم ‌يدع ‌قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه".
وفرق كبير بين الصيام والصوم, فالصيام جوع والصوم أخلاق وحفظ للسان, كما قالت مريم ـ عليها السلام ـ {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا}[مريم: 26]., الصيام بالنهار والصوم بالليل والنهار, الصيام في رمضان والصوم طيلة العام. فكان الجوع وسيلة والأخلاق غاية للوصول إلى الله تعالى من أقصر طريق, ومن هذا الطريق المختصر وصل أسامة بن زيد إلى محبة الله ورسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ, رغم أنه كان دميم الخِلقة حتى تخيل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن أسامة جاريةٌ غيرُ مرغوبٍ فيها؛ فبالغ في تزينها؛ ليتنافس عليها الخُطاب, ولكن دمامة أسامة لم تمنعه أنْ يكون حبيب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم؛ بأخلاقه وكريم شيمه وصفاته.