رئيس مجلس الإدارة
شريف عبد الغني
رئيس التحرير
ناصر أبو طاحون
المشرف العام على التحرير
محمود الشاذلى
رئيس التحرير التنفيذى
محمد عز
  1. الرئيسية
  2. وجهات نظر

الشيخ أبو بكر الجندي يكتب: فوائد السيرة النبوية (1)

تهتم الأمم قاطبة بتاريخ عظمائها وزعمائها؛ لربط الحاضر والمستقبل بالماضي، وتُذَكِّر الأجيال اللاحقة بما خلفته القرون السابقة من أخبار الهداة المهتدين، ونحن مع سيرة سيد العظماء، وإمام المرسلين نستلهم من سيرته الهدى والنور، ونقتبس من حياته الخير والبركة والحكمة والرحمة، ومن يطالع السيرة النبوية ويهتم بها ويتعلم من خلالها يقدم برهاناً على صدق محبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي هذه المحبة يقول النبي صلى الله عليه وسلم : "المرء مع من أحب"، ولقد فرح الصحابة بهذه الجملة النبوية فرحاً عظيما؛ حتى قال أنس بن مالك: "ما رأيت الصحابة فرحوا بشيء قط ما فرحوا بهذا الحديث"، ثم قال: فنحن نحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نستطيع أن نعمل كعمله، فإذا كنا معه فحسبنا، أي يكفينا.
هذا في الآخرة أما في الدنيا فدخول المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى قلوبنا وحياتنا فيه بركة وخير عظيم ونفع كبير فهو نور يضيء لنا الطريق وهداية وحكمة وتوفيق؛ ولهذا قال أنس أيضاً عن الدخول النبوي إلى المدينة: "لما كان اليوم الذي دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، أضاء من المدينة كل شيء، فلما كان اليوم الذي مات فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أظلم من المدينة كل شيء"، فالقلوب والبيوت تَسْعَد وتستنير به صلى الله عليه وسلم، وتشقى وتظلم بالابتعاد عنه، وعن نوره وضيائه في الدنيا والآخرة يقول رب العالمين في كتابه الكريم: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا (46) وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا}[الأحزاب: 45 - 47].
وأخيراً السيرة النبوية نقف من خلالها على كريم أخلاقه وعظيم شيمه وصفاته صلى الله عليه وسلم، مع الناس جميعاـ حتى مع أعدائه وخصومه الذين وُصفت حياتهم بالانحطاط والجاهلية الغليظة القاسية، فاستطاع صلى الله عليه وسلم أن يتعايش معهم بأخلاقه العالية وآدابه الراقية، حتى قالت أم المؤمنين عائشة عنه: "كان خلقه القرآن"، وقالت أيضاً: "كان قرآنا يمشي بين الناس".
والسيرة العطرة فيها التطبيق العملي للخُلق النبوي الشريف، والتي تتجلى في القصص والأحداث والمواقف النبوية، بل الأخلاقَ نفسها قد تزينت برسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا تحدثنا عن خُلق الكَرم زينا الكرم بقصص من الكَرم النبوي، وإذا تحدثنا عن الوفاء زينا الوفاء بقصص من الوفاء النبوي، وإذا تحدثنا عن الصبر زينا الصبر بقصص من الصبر النبوي، فهو قد علا على الأخلاق وتَمَكَّن منها، حتى قال القرآن الكريم في مدحه: {وإنك لعلى خلق عظيم}، والدارس للسيرة النبوية حينما يتخلق بالأخلاق النبوية فقد أهل نفسه لمصاحبة النبي صلى الله عليه وسلم في الفردوس الأعلى من الجنة حيث قال: " إِنَّ مِنْ أَحَبِّكُمْ إِلَيَّ وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَحَاسِنَكُمْ أَخْلَاقًا"، وللمقال بقية... .