رئيس مجلس الإدارة
شريف عبد الغني
رئيس التحرير
ناصر أبو طاحون
المشرف العام على التحرير
محمود الشاذلى
رئيس التحرير التنفيذى
محمد عز
  1. الرئيسية
  2. وجهات نظر

حسام فوزي جبر يكتب ... الكل يهون إلا هن

 

من منا لم يلاحظ تراجع المستوي الأخلاقي للشباب او ما يقرب من الإنحدار الأخلاقي وراح كلٍ منا يكيل الإتهامات وينسب هذا التدني لأشياء دون أخري وأن هذه الاشياء كانت السبب الرئيسي في غياب الاخلاق وتدنيها وأجمع الكل أن الدراما المسمومة وأغاني مهرجانات الردح ومواقع الخراب الإجتماعي كانت هي أكثر الأشياء تأثيرًا وخفضًا وسحبًا من رصيد الادب والاخلاقي والرقي لشبابنا وجميعنا أجمع أن المجتمع أصبح في حاجة إلي العلاج السريع لهذه الظاهرة الفتاكة، ومع هذه الضباب وجدتني أصطدم بواقع أكثر مرارة فما كنا دائمًا نتحدث عنه هو التدني والإنعدام الإخلاقي للشباب والاطفال، ولكن صدمتي كانت في الفتايات نعم عزيزي القارئ الكريم الفتايات أصبن بنفس المرض الفتاك وبدي السب واللعن في ألسنتهن شيء عادي بل ورحن ينشرون ويعلنون علنًا تمردهن علي الآداب العامة وأصبحن ينادون وينعتون بعضهم البعض بمفردات لغوية جميعنا يعتبرها عيبًا بل قد تصل للحرمانية في بعض الاوقات وكل ذلك تحت الشعارات المزيفة من "روشنة وتفتح وإندماج"، وكلها ليس لها عندي إلا مصطلح واحد فقط هو قلة ادب أو ربما انهن عديمي الرباية.

نعم شعرت بغضاضة بعد أن شعرت أن التفحّش في الكلام قد عمّ وصارت الكلمات البذيئة والنّابية تنطلق من الأفواه لأتفه الأسباب، فالأب يسبّ أبناءه بأقذع وأبشع الألفاظ والأخ يسبّ أخته بأقبح الكلمات بل صار بعض الأبناء -والعياذ بالله- يسبون آبائهم وأمهاتهم بما يندى الجبين لسماعه، صار الكلام لا يكاد يُنطق إلا بساقط الكلام وبذيء القول ممّا يحوم حول الايحاءات والعورات والسّوءات، حتى أضحى الشخص الحييّ يندى جبينه وهو يسير في الشّارع لِمَا يقرع سمعه من كلام فاحش بكل اسف قلّ الحياء بل صار الحياء عند كثير من شبابنا وفتياتنا تخلفًا ورجعية وموضة قديمة أكل عليها الدّهر وشرب، وأصبح أمرًا عاديًا أن يقف شبابنا على قوارع الطّرقات ليتشبّبوا بالبنات وليُسمعوهنّ كلّ كلمة ساقطة وبذيئة، وأضحى أمرًا عاديًا أن تمازح الفتاة زملاءها في الدّراسة وتضاحكهم في المدرسة وفي الشّارع بأقبح الكلمات، وغدَا مألوفًا ومقبولًا أن تجلس الفتاة إلى جانب أخيها وأمها وأبيها لمتابعة عمل درامي مُبتذل أو شبه أغنية من الاعمال التي يزعمون أنها فنًا أو مسلسل مدبلج وكلٌ ينضح بكلّ ما يخدش الحياء ويهدم الأخلاق والكل يمثل انه يمارس هذا التقدم والتحضر المزعوم.

نسينا جميعًا أن الأخلاق كنز حفظه سلف هذه الأمّة فسادوا الدّنيا وملكوا القلوب والعقول وأسروا الأرواح وكانوا دعاة بأخلاقهم ومواقفهم قبل كلماتهم وعباراتهم، أوصلوا حضارتهم ودينهم إلى أقاصي العالم يوم جعلوا الدّين والاخلاق واقعًا عاشوه كلامًا طيّبًا ووجوها مشرقة وأمانة ووفاءً وحلمًا وعفوًا وصبرًا وسخاءً وبذلًا، نعم تدنت الاخلاق واضمحلت عندما ضاع الحلم وقلّ العفو والصّفح وصار الردّ بالمثل أو بالتي هي أسوأ قلّ التّناصح وساد التّفاضح وانتشرت الغيبة في أوساطنا انتشار النّار في الهشيم وصارت فاكهة كلّ المجالس، عُقّ الوالدان وقطعت الأرحام وأسيء الجوار، وانتشرت العداوات، وعمّت القطيعة والبغضاء إلا ما رحم الله. عصت الزّوجات الأزواج، وظلم الأزواج الزّوجات وعقّ الأبناء الآباء وضيّع الآباء الأبناء إلا من رحم الله.

لذلك نحن في حاجة إلي عملية بناء الوعي أو إعادة بنائه وخاصة أن بناء الوعي قضية محورية في حياة المجتمعات والأمم والشعوب وخاصة تلك الأمم والشعوب التي تعرضت ذاكرتها لمحاولات المحو والشطب أو التغيير أو التغييب وأحيانًا التزييف ناهيك عن محاولات الاختطاف وحالات الجمود والخمول والكسل التي يمكن أن تصيب الذاكرة مع يقيننا وايماننا أن إعادة تشكيل وعي أمة ليس أمرًا سهلًا او يسيرًا إنما هو عملية بناء شاقة وتحتاج إلى جهود مكثفة ودءوبة ومضنية ولا سيما ونحن في أوقات الشدائد والمحن والتحديات الجسام التي نستشعرها في المرحلة الراهنة، فهناك من حاولوا السطو على ذاكرة أمتنا وقد استخدموا المغالطات الدينية والفكرية والثقافية والتاريخية للاستيلاء على هذه الذاكرة، علينا وفورًا السعي نحو كشف هذه المغالطات وتصحيح المفاهيم الخاطئة وبيان أوجه الحق والصواب بالحجة والبرهان من خلال نشر الفكر الوسطي المستنير في كل المجال الدعوية والثقافية والتعليمية والتربوية والإعلامية وإحلال مناهج الفهم والتفكير والإبداع والابتكار محل مناهج الحفظ والتلقين والتقليد، مع اعتبار العمل على خلق حالة من الوعي المستنير واسترداد ذاكرة الأمة.

والبنات هن الاولي بالرعاية والوقوف في هذه المرحلة في مواجهة اي إنحدار أخلاقي يصيبهن واجب وضرورة ملحة فهن من بشر الرسول الكريم بأن الجنة تحت أقدامهن، وهن أساس بناء المجتمع لذلك يجب أن نسعي وفورًا نحو التربية السليمة للفتاة والتي يجب أن توضع ضمن إطار من القواعد والمبادئ التي نبني بها شخصيتها مع وجود أسرة متماسكة محيطة عندها لن تؤثر عليها كل المغريات الخارجية، لأنها وببساطة تمكنت من اكتساب القواعد والأسس السليمة حتى وإن اختلطت بفئات أخرى واكتسبت أصدقاء متباينين في الأخلاق، فلن تحاول التشبه بهم ومجاراتهم، حيث يبقى تأثيرهم محدودًا عليها إذا كان تأثير التربية التي تلقتها أقوى، فإمنحوا بناتكم الثقة وراقبوهن وقوموهن حتي ينضجن أعدوا أمهات المستقبل وجهزوا بناتنا لحمل الامانة التي حملها من قبلهن أمهاتنا تذكروا دائمًا ان الابنة هي أم أبيها  فربوا بناتكم أمهات المستقبل قبل فوات الاوان، فـ الكل يهون إلا هن.