فجعني خبر إنتشر علي مواقع التواصل عن استمرار تلميذ بالصف الساس الإبتدائي ومداومته علي سب معلمته عدة مرات داخل وخارج المدرسة وسط تشجيع من أسرته وإصرارهم علي أن التلميذ الصغير من حقه أن يدافع عن نفسه وبمبدأ البلطجة الغريب والكلمة التي أسأل الله ان ينتقم ممن صدرها إلينا إلا وهي "ياخد حقه بإيده"، وطالما تكلمنا وناشدنا وطالبنا أولياء الأمور بضبط النفس في مثل هذه التصرفات والأفعال وتفعيل أدوار اصحاب العقول ومدربي التنمية البشرية بل ومدربي فن التعامل مع البشر وفنون ما يسمي بالإتكيت والحرص علي تعليم الكبير والصغير معني الحرية ومعني الوطن والمواطنة والإحترام المتبادل في وقت إختلط فيه الحابل بالنابل وظهر أسوأ ما في أخلاقنا وطفي علي السطح وأعتقد أننا وصلنا لزمن وصفه نبي الله محمد بزمن الرويبضة حين قال: "سيأتي على الناس سنوات خدّعات، يُصَدق فيها الكاذب ويُكذَّب فيها الصادق، ويُؤتمن فيها الخائن ويُخوَّن فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة، قيل وما الرويبضة يا رسول الله؟ قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة"، أعتقد أننا قد وصلنا لهذا الزمن خاصة عندما اري من يبرر الوقاحة والسفالة وقدة التربية بحجة الحق والحرية وما شابه.
تعد رسالة المعلم من أسمى وأشرف الرسالات فالشعوب لا تنهض إلا بالعلم والمعرفة والمعلم المثقف الأمين العاشق لوطنه يكون اهم وسيلة لصنع المجتمع المتطور القوي الناهض فكريًا وإقتصاديًا وصناعيًا ذلك المجتمع القادر على حماية إنجازاته ومكتسباته ومصالحه الحيوية فرسالة المعلم ليست مقصورة على التعليم بل تعدت إلى دائرة التربية فالمعلم مرب أولاً والتعليم جزء من العملية التربوية ويومًا بعد يوم يتأكد هذا الدور في ظل هذه المتغيرات الزمنية العديدة وفي ظل تقنية المعلومات المتنوعة التي نشهدها هذه الأيام مما يفرض على المعلم أن يواكب عصره فكما أن له حقوق نعترف بها عليه أيضًا واجبات لابد منها فالإخلاص في العمل والولاء للمهنة والالتزام بها والاهتمام بنمو طلابه من جميع النواحي المختلفة وغرس القيم والاتجاهات السليمة من خلال التعليم فالمعلم هو القدوة الحسنة لطلابه في تصرفاته وسلوكه وانتمائه وإخلاصه وتوجيه الطلاب وإرشادهم وتقديم النصح لهم باستمرار.
المعلم هو ذاك الشخص الذى أرثى معالم الحضارة الشخص الذى يحمل رسالة مكافحة الإرهاب والعنصرية والتمييز الشخص الذى يحتضن الإنسان منذ صغره إلى بلوغه ليغرس فيه معنى الخير والأمانة والثقة والحب والانتماء والنخوه وهو الشخص الذى لن توافيه الكلمات ولا الحروف مدى امتناننا له على ما قدمه ويقدمه للبشر وانا هنا اعني هذا المعلم المؤمن برسالته الذي يتفاعل مع قضايا الناس والمجتمع ويتعايش معهم ومع معاناتهم ولا يغفل عنها عند القيام بواجبه الوظيفي وهو الذي يستطيع دمج فنه ومهارته وعلمه وتدريسه ويوجه طلابه إلى الاهتمام والتفاعل ولا يربط بين جهده وعطائه وبين ما يحصل عليه من مردود مادي ومعنوي، بل يسير نحو تحقيق هدفه الرسالي وتسخير كل طاقاته وإمكاناته لذلك.
وانا لم اكتب هذا المقال لمدح المعلمين ولكنني اريد أن أُبرز وأُذكر بدور صاحب هذة المهنة السامية في صنع الأجيال وبنائها بناءً نفسيًا وعلميًا وفكريًا سليمًا، حتي تتمكن هذه الأجيال من الارتقاء بأمتها وبوطنها إلى المستوى اللائق فتتمكن هذه الأجيال من بناء الوطن والمجتمع، فمن منا ينكر أننا جميعًا من صنع يديه -بعد الله- ولذلك فإن رسالة المعلم من أسمى وأشرف الرسالات، وأمانة من أعظم وأثقل الأمانات، لأن المعلم يتعامل مع النفس البشرية التي لا يعلم إلا الله بعد أعماقها واتساع آفاقها، فالمعلم يحمل رسالة سامية يعد فيها جيلًا صالحًا مسلحًا بالعلم والمعرفة.
ومع كل ما سبق نجد أولئك الذي تناسوا آداب واخلاق هذة المهنة السامية فتجدهم راحوا يتاجرون بعلمهم إن وجد ويثقلون كاهل الوطن والمواطن بل وجعلوا من انفسهم محل انتقاد وسخرية قد تصل لحد الكره من الآخرين هم أولئك الباحثين عن المال ليس إلا مما لقبوا انفسهم بإمبراطور الكمياء وملك التاريخ وأفلاطون الفلسفة وعملاق النحو وأخطبوط الرياضيات وجهبز الكيمياء وزويل الفيرياء ودكتور اللغة العربية وأسماء وصفات ما انزل الله بها من سلطان يحاولون بها الدعاية لانفسهم من اجل كسب زبائن لا طلاب علم ويتنافسون ويتبارون في سحب اموال اولياء الامور بكل الطرق المشروعة والغير مشروعة ليقعوا تحت طائلة القانون ويصدرون من أحد أشرف المهن نموذجًا نتمني ان ينتهي فورًا من حياتنا نموذج يُصدر الينا هذة الصورة القبيحة التي جعلت من المعلم الجليل مطلوبًا تطارده الشرطة ليُظلم هذا مع ذاك هذا المعلم الذي يبتغي وجه الله يتساوي مع هذا الذي لا يبتغي إلا حصد المال هذا النموذج الذي نتمني من الله ان ينتهي ويزول سريعًا من حياتنا ليعود إلي صورة المعلم الذي نتمناه وتزول من الدنيا هذة الصورة التي صدرها أولئك المتاجرون بالعلم الذين لا رسالة لهم إلا جمع المال والذين حسنًا فعلت الوزارة بتطوير المناهج وطرق التلقي لتُضيع علي مثل هؤلاء فرصهم في إستغلال الناس ويبقي تجاوب اولياء الامور انفسهم في منع اولادهم من دروس الاستغلال المسماه الدروس الخاصة والخصوصية.
وللحق أقول فإن المدرس في مصر لا يحصل علي ما يستحق او حتي ما يكفيه ففي حديثي مع احد معلمي المرحلة الثانوية الخبراء في مادة الجغرافيا من شرفاء هذا الوطن اكد لي انه إقترب من ان يُكمل عقده الثلاثون في المهنة وبالكاد وصل راتبه إلي مبلغ أربعة آلاف جنيه وانه دائم السعي لعمل مجموعات التقوية وحال قيامه بدروس خصوصية فإن سعر الدرس لا يتجاوز الأربعون جنيهًا شهريًا في الثانوية العامة وحصص المراجعات مجانًا للجميع واليتامي والفقراء والاصدقاء والجيران ومن يستحق الصدقات معفيين من قيمة الدرس مؤكدًا انها رسالة يتشرف ويشرُف بحملها ولا تنازعه نفسه في نيل رضا الله بالعمل كما يحب ويرضي ولكنه اراد من خلالي ان يرسل رسالته طالبًا فيها من الجميع عدم التجريح في كل اصحاب هذة المهنة فعادة كل المهن هناك الصالح وهناك والطالح والتعميم ظلم وإجحاف لمن يراعون اللهم ضمائرهم.
علينا ان ندرك تمام الإدراك أن ضمير المعلم اليقظ وإيمانه الصادق بعظم وعظيم رسالته هما مصدر الإلهام لمعرفة كل متطلبات المهنة التي شرفه الله بها وهي أمانة ورسالة سامية وهي مهنة ليست بالسهلة علي الإطلاق اذ تقف عليها اجيال ننتظر منها أن تكون أجيالًا تتربى على القيم والمبادئ والأخلاق الحميدة وواجبنا بل والمفروض علينا الوقوف مع هذه الرسالة وهذه المهنة السامية وعلينا دعم المعلم الذي يخلص في عمله لابعد الحدود نحن كمواطنين واولياء امور أولًا فيجب علينا ان نُفهم ونربي اولادنا علي ان التعليم رسالة وليس مجرد مهنة وعلي الدولة سرعة اعادة النظر في رواتب اهم من يجسد ويُشكل شخصية شبابها علينا إعلاء قيمة المعلم فهو الاحق من جميع الوظائف مع إحترامنا للجميع فرسالة المعلم اهم لبنة في المنظومة التعليمية التي تحاول الدولة تطويرها وعليه مسئوليات جمة حتمتها عليه تنامي هيكلية التعليم واتساع نطاقه من طرق تدريس ووسائل متنوعة ناتجة عن ثورة المعلومات، والانفجار المعرفي الهائل الذي يمخر المعلم أمواجه بهدف إيصال الطالب لمواكبة العصر وفي الدول المتقدمة تعليميًا نجد ان راتب المعلم من اكبر رواتب العاملين بالدولة بل ان هناك دول تمنح المعلم حصانة وصلاحيات في كافة نواحي الحياة.
وسيبقي المعلم ركنًا أساسيًا في عملية التخطيط والتنمية فان أرادنا ترسيخ دعائم الأمن فهو رجل الأمن الأول وأن أرادنا إصلاحًا اقتصاديًا فعلى يديه يتجدد ويتحدد النجاح أو الفشل وإن كان من الأولويات التنمية الدينية والخلقية والاخلاقية فمن خلال المعلم المربي لا من خلال الوعظ فقط بل القدوة الصالحة اهم من الكلام المرسل فمن اجل المعلم نقف تقديرًا واحترامًا لكل معلم أدرك رسالته وقام بها كما ينبغي
واكرر المعلمين اصحاب مهنة سامية ورسالة كبيرة لا بد من الجميع ان يعى ذلك بما فيهم المعلمين انفسهم الذين نسوا وتناسوا عظيم رسالتهم وراحوا يبحثون عن الدنيا في مهنة رسالتها تهدف الآخرة والجزاء من رب الدنيا والآخرة فمهنة التدريس رسالة وليست مجرد مصدر رزق او وظيفة ودعوني اذكر حضراتكم بقول امير الشعراء "قم للمعلم وفه التبجيلًا كاد المعلم ان يكون رسولًا".