تمنح أهمية استغلال الوقت فى مختلف مجالات الثقافة والتعلم والتثقيف قدرة على توليد إبداع فكرى فى الإطار الاجتماعى المشروع ومِن قدرتها على فتح التاريخ الإنسانى، مما يؤدى إلى كسر العزلة المفروضة على العقل، وتحريره من ضغط المسلمات التى تكونت بفعل التراكمات الزمنية، وإهمال تحديث التراكمات العلمية، والمعرفة المستمدة من مرور الزمن تعتمد على الآليات المتوارثة، وللعلم سلطة مُطلقة، والمعرفة المستمدة مِن قيمة العلم والثقافة تنجح فى تكوينِ نظام اجتماعى مميز بالفاعلية والدافعية والتعاون والإيثار، وتمنع تسلل تلك الأفكار الهشة والعادات التى لا علاقة لها بالإنسان الذى نبتغيه ونتمناه ونتطلع إليه، والوقت هو مفهوم لا غنى عنه في حياتنا اليومية، فالوقت هو أحد أكثر الموارد قيمة التي نملكها، وهو محسوب من أيام حياتنا، كما يقول المثل الشهير: "كله من عمرنا"، فكل لحظة تمر هي هبة قيمة من حياتنا الثمينة، لذلك علينا الاستفادة الأمثل من هذه الهبة المقدرة.
ولعلنا جميعًا مع إكتسابنا بعض الخبرات قد أدركنا معنى كلمة قلة الوقت ورأينا بأم أعيننا تسارع الزمن الذى لا يستطيع أحد إيقافه -إلا الخالق العليم سبحانه وتعالى- ولعل قلة الوقت وعدم كفايته، وكذلك عمر الإنسان المحدود، جعلنا أمام أمر هام هو أنه لابد أن أن يستغل الإنسان عامل الوقت الذى ليس فى صالحه دائمًا وأبدًا وأن يدرِك أنه فى سباق معه، مِن أجل تكوين منظومته التى تُناسب حياته الشخصية وتنفع وطنه، وتتلاءم مع قدراته الذاتية التى تقوم على الموازنة بين نقاط ضعفه ونقاط قوته وتقوية نقاط الضعف والموازنة والتوازن فى كل شيء، لذلك فعلى الإنسان تحرير عقله وتثقيف نفسه بما يرفع قدره العلمى والثقافى ويزيد مداركه لمواجهة الحياة، فإذا امتلك الإنسان الوعى والثقافة المدعومين برقابة الله عز وجل فى كل الأفعال، نجح فى اكتشاف حقيقة الحياة الإنسانية، وتحديدِ العناصر الفِكرية المكونة لها، وأدرك تمام الإدراك كيف يعيش هذه الحياة التى أرى أن أعظم أساميها هو "دار الفناء" فلا بقاء فيها إلا لخالقها سبحانه وتعالى، وكل ما دونه فانٍ.
والوقت هو الأمر الوحيد الذى يمتلكه جميع البشر بالقدر نفسه من دون أى زيادةٍ أو نقصان لأى شخص، فبغض النظر عن عمر الإنسان ومتى يولد أو يموت، إلا أن كل إنسانٍ يملك أربعا وعشرين ساعة فى يومه الواحد، ولكن الفارق الوحيد بين الناس هو كيفية استغلالهم لهذا الوقت، وكيفية تنظيمهم لأوقاتهم، فتنظيم الوقت هو سر النجاح فى الحياة، ويعتبر الوقت أهم ما فى حياة الإنسان، حتى إنّه أثمن وأغلى من المال، ولعظم الوقت وأهميته فقد أقسم الله سبحانه وتعالى به فى كتابه الكريم فى مواضع عدة، ولأهمية الوقت فى عمر الإنسان فقد اعتبره البعض موسم الزرع فى الدنيا ليكون الحصاد فى الآخرة، ولذلك على الإنسان ألا يُضيع أوقاته بما لا فائدة ترجى منه، وينسى الواجبات التى يجب أن يجعل لها نصيبًا من وقته، فكل شيء يمكن تعويضه أمّا الزمن فكل دقيقة وكل لحظة إن ذهبت فلن تعود أبدًا، ولو أنفق الإنسان أموال الدنيا فلن يستطيع أن يسترجع دقيقة واحدة من عمره فالوقت هو الحياة، وهو المحور الرئيسى الذى يُسيطر على مسار حياة الإنسان، الذى لابد أن يعرف كيف يقضى وقته، وأن يُحافظ عليه فلا يُفرّط فيه، ولا يتهاون فى شيء منه قل ذلك أو كثر، فعدم التنظيم فى حياة الإنسان سبب رئيسى لهدر الوقت؛ وبالتنظيم الجيد للوقت يزيد إنجاز الفرد لأعماله فى وقتٍ أقل، ويكون ذلك بتحديد الأولويات وتوزيعها على ساعات اليوم، وتحديد أوقات العمل، وأوقات الراحة، مع الاهتمام بشغل أوقات الفراغ إن وُجدت بالأعمال التى تفيد الفرد والمجتمع والبعد عن كل ما يُضيع الوقت ويستنزف الجهد ولا يعود بعلم أو ثقافة على الفرد نفسه.
قيمة الوقت لا تُقدر بمالٍ أو ثروة، فالوقت سريع الانقضاء، وما مضى من الوقت لا يمكن إرجاعه، فكيف بعدما تعلمت أنه وقت لن يعود تتفنن فى تضييعه وتبحث عما يُضيع وقتك من غير فائدة، ففى دولة شابة يافعة تمتد جذورها إلى باطن الأرض تاريخًا وحضارة وإنسانية يظل المستقبل دائمًا وأبدًا فى الشباب، وأحلامهم بمستقبل أفضل، ووطن يُترجم تلك الأحلام إلى فرص للبناء والتنمية، سنوات أخيرة كان قوامها ثورات نبيلة فى غايتها، مليئة بالأمل والطموح، على الرغم مما سببته من ألم اقتصادى وما كشفته من تصدع اجتماعى، لكنها كانت بمثابة كشف عن مرض علاجه الوحيد الحكمة وسواعد الشباب، مُتسلحين بالأمل والمزيد من تمكين الشباب من أحلامهم وطموحهم بل ووضعهم فى مقدمة الصفوف للقيادة سواء باختيارهم لمواقع قيادية فى قلب السلطة التنفيذية من وزارات ونواب المحافظين، أو بإتاحة الفرصة لهم لتمثيل أصوات الشعب فى مجلس النواب والشيوخ، كتجربة عمادها الحكمة وسواعدها الشباب تستطيع أن تغير وجه المستقبل لتكمل حضارة آلاف السنين بالعلم والتكنولوجيا والتنوع واحترام الرأى والفكر، وإن كنا مازلنا فى البداية ونتطلع إلى إتاحة وصناعة الفرص.
وتهيئة المناخ للإبداع ويبقى واجبنا المجتمعى نحو توفير وتصدير شباب لمجتمعنا فيه من الثقافة والحكمة والصفات القيادية ما يجعله عمادًا للمجتمع فى الفترات القادمة وطالما أصبح للشباب فرص فى أن يقود مجتمعنا فعلينا فورًا مساعدتهم ومدهم بما ينفعهم ويجعلهم جاهزين لقيادة العالم لا بلدنا فقط، فلو علمناهم احترام الوقت وكيفية استغلاله فيما ينفعهم وزودناهم بما يستحقون أن يُدرس وبما يجب قراءته وبأنواع الثقافة اللازمة لتغذية أرواحهم ثم تركناهم ينهلون من العلم والثقافة كما يشاءون ولكن بعدما علمناهم استغلال أوقاتهم وقدراتهم فيما يفيد ولا يضر، فنكون قد وضعناهم ونحن معهم على الطريق الصحيح، فالوقت أو الزمن هو عمر الإنسان، ولا يستطيع استعادته أو إرجاع جزء منه أو زيادته، ومن ثم فهو رأسُ مال الحياة وأساسُها، وبالتالى وجب استغلال كل لحظات الحياة والانتفاع بها، والجد والإجتهاد وعدم البحث أبدًا عن الراحة في الدنيا هي دار عمل وشقاء، فلا يدخرون صحتهم لأي شيء سوي العمل، حتى تصير لحياتنا ولأنفسنا قيمة، فبدون حرصنا على الوقت والعمل الجاد والشاق حتي يصنع حاضر ومستقبل ويكتب تاريخ لنفسه، علينا ان نعلم انفسنا معهم أنه لا حرص على الحياة ذاتها، فالأوقات التى لا يستطيع الإنسان الاستفادة منها هى تلك التى تشكل تاريخًا فى حياته غير ذى قيمة فلا يعنى أى شىء ولا يكون له مدلول، لذلك علموهم أن أنهم القادة القادمين وأن الوقت هو أهم وأنفث الأشياء وأن أهم استثمار فى حياتنا استثمار الوقت والقائد الحقيقى هو من يُقدر الوقت، ودائمًا فلنذكر شبابنا، وأنفسنا أنه "كله من عمرنا".