رئيس مجلس الإدارة
شريف عبد الغني
رئيس التحرير
ناصر أبو طاحون
المشرف العام على التحرير
محمود الشاذلى
رئيس التحرير التنفيذى
محمد عز
  1. الرئيسية
  2. وجهات نظر

حسام فوزي جبر يكتب نعمة الإبتلاء 

 

تضيق‏ ‏الدوائر‏ ‏علينا‏ ‏تلتف‏ ‏حول‏ ‏أعناقنا‏ وكأنها ستقبض‏ ‏مصائرنا‏ ‏نراها‏ ‏ولا‏ ‏نراها‏ ‏نشعر‏ ‏بالاختناق‏ ‏بين‏ ‏فكيها‏ و‏يغمرنا‏ ‏ضيق‏ ‏ذات‏ ‏اليد‏ ‏وهكذا‏ ‏بين‏ ‏مد‏ ‏وجذر‏ ‏تضيق‏ ‏وتنفرج‏ ‏العيشة‏ ‏ويظل‏ ‏لسان‏ ‏حالنا‏ ‏يتذمر‏ ‏ويشكو‏ ‏ويتذمر‏ ‏علي‏ ‏العيش‏ ‏والعيشة‏‏، ولكن يبقي الإبتلاء بكل أنواعه هو أحد أبرز أنعم الله علينا ويقول النبي الخاتم "إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله إذا أحب قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط"‏، فيبتلي الله عبده بلاءً ليختبر بذلك صبره وشكره، والدنيا ماهي إلا دار ابتلاءٍ واختبارٍ وفتن، يُبتلى الإنسان فيها بالسراء الضراء وبالرخاء والشدّة وبالمرض والصحة والفقر والغنى والشبُهات والشهوات، فينظر الله إلى من يشكر ومن يكفر ومن يصبر ومن يقنط، فيُجازيهم على مواقفهم تلك حين البلاء،ومع الابتلاء منا -والعياذ بالله- من يسخط ويُسيء الظنّ بالله ومنا من يصبر ويُحسن الظنّ بالله ومنا من يرضى ويشكر والرضا أمرٌ زائدٌ عن الصبر والله أسأل أن يجعلنا ممن رضينا فرضي عنا في الدنيا والآخرة.

والجميع يعلم ويري ويلمس أن حياة أي إنسان منا لا تخلو من الإبتلاء من وقت لآخر، وكما ذكرنا نختلف في إستقبال البلاء والإبتلاء من واحد لآخر، فهناك من يستقبل أي ابتلاء بالصراخ والعويل والشكوى لكل من يراه وكأن حياته انهارت ولم يعد يمتلك أي فرصة لإيقاف الخسائر الناتجة عن هذا الابتلاء، وبالطبع لا ابتلاء بلا خسائر ما بين فقدان من نحب أو خسائر صحية أو مادية أو ربما إنهاك نفسي يحتاج لوقت طويل للخلاص منه وخسائر العلاقات كفقد حبيب أو طلاق أو عقوق أبناء أو خيانة أصدقاء أو فقدان عمل، وهنا علاج الخسائر أو تقليلها مكسب في الدنيا ودرجات مجانية في الآخرة، فلا يفوز بهذا المكسب من يبالغ بالتألم من الابتلاء أو يشتكي منه لغير الله، أو من يتعامل معه وكأنه حائط مسدود لا يمكن اختراقه ودومًا يمكننا إحداث ثقوب بحوائط الابتلاءات ومن بعدها نفتح نوافذ بل وأبواب الأمل طمعًا في رحمة الخالق عز وجل وزرعًا لحسن الظن به سبحانه بالقلوب قبل العقول، والثقة بالله أن الأمر مهما عَظُم سينتهي على خير، طالما كانت الإستعانة بالله مع يبذل أقصى ما يمكن من جهد بوعي ومثابرة وبلا جزع وبرضا وحمد للرحمن عز وجل على كل النعم التي لدينا ومن بينها هذا الإبتلاء ناهيك عن حياتك السابقة التي خلت من هذا الابتلاء، وبيقين وأمل أن الله سيجزينا ثواب الصابرين.

دعونا نتفق أن الإبتلاء سنة كونية ماضية فينا شئنا أو أبينا وأن الصراع بين الحق والباطل قائم منذ أن خلق الله تعالى الخلق وسيستمر هذا الصراع بين الخير والشر إلى قيام الساعة والحياة لا تخلو من المشكلات و الابتلاءات، فقط علينا البحث الحثيث عن أسباب وقوع الابتلاء ومحاسبة النفس والتفتيش في الأخطاء لتصحيح المسار وإصلاح العيوب، فقد اقتضت حكمة الله تعالى في خلقه أن يعرضهم للاختبار حبًا فيهم ورحمة به، فيسوق إليهم الرحمة في أثناء المصيبة ليهتدي الضال، وينتبه الغافل وتقوم الحجة على الكافرين فقد قال تعالى: "أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين"، ومن أعداء الصبر والثبات عند الابتلاء تذكر الابتلاءات السابقة والتفكير فيما مضي وهذا يمنع من النهوض ومواجهة الوجع لأنه يُضعف مناعتنا النفسية ووقت السقوط علينا تذكير أنفسنا بانتصاراتنا بالحياة التي وفقنا الله إليها والابتهاج بها حتي وإن ندُرت ونثق بقدرتنا على الصمود بوجه أي ابتلاء.

أبشع ما يفعله إنسان بنفسه عند الابتلاء هما شيئين الأول الإعتراض على مشيئة الله -والعياذ بالله- كأن يقول لماذا يحدث لي ذلك؟، والآخر هو جلد الذات، ففي كثير من الابتلاءات نساهم في حدوثها ولو بسوء اختيار من نتعامل معهم أو بإهمال الصحة أو بالاندفاع في تكوين العلاقات أو بالتفريط بحقوقنا،ولكن يبقي علينا أن نرضي بحكم وقضاء الله وألا نحمل أنفسنا فوق طاقتها بجلد الذات والتعامل مع البلاء أنه نعمة من الله عز وجل ليمحصنا بها ويميز الخبيث من الطيب، شاكرين له سبحانه علي النعمة راضين بما إبتلانا به متحملين دورنا أننا كنا أحد أسباب وقوعه متخذين أي إبتلاء أنه فرص لنكون أقوى بالدنيا ولترتفع درجاتنا بالآخرة بملئ قلوبنا وعقولنا بحمد الرحمن أنها لم تكن أشد وبصبرنا واتخاذ كافة خطوات النجاة بالاستعانة بالرحمن وبالإنغماس في الرضا والعبودية له وحده سبحانه لنمر من أزمات إبتلاءتنا فائزين بدرجات الصبر والرضا كاملة مستحضرين ذنوبنا عازمين علي التوبة والعودة لله ثقة أنه سينجينا بفضله رافضين جلد الذات وقت الابتلاء رغم إعترافنا بذنبنا وتقصيرنا مستعينين بالدعاء والأمل في الله أن يكون الابتلاء رفعًا للدرجات في الدنيا والآخرة، مع كثرة الاستغفار والتصدق، وكراهية الذنوب والعزم الأكيد على عدم تكرارها، ورد الحقوق لأصحابها إن ارتبطت الذنوب بآخرين، لذلك فالبلاء نعم وجرس إنذار لنا جميعًا لنقف وقفة مع اللله ثم مع النفس ومع الآخرين شاكرين لله عل جل نعمه علينا ومن بينهم نعمة الإبتلاء التي تعيدنا إليه سبحانه فارين هاربين من الإبتلاء إلي رحمة الله ورعايته، فحمدًا لله علي نعمة الإبتلاء، الله أسأل أن لا يبتلينا فيما لا نستطيع عليه صبرًا.