2023.. عام صعب على الاقتصادات لكن الشرق الأوسط حظي بطروحات أولية ضخمة حيث استقبلت أسواق الأسهم عمليات إدراج ضخمة ومن المتوقع استمرارها في 2024.
بلومبرج قالت إنه خلال العامين الماضيين برز الشرق الأوسط كسوق نشطة للاكتتابات حيث لجأت بعض الاقتصادات بالمنطقة إلى الطروحات لتنويعها اقتصادها المعتمد على النفط.
استبعاد روسيا من مؤشر "إم إس سي آي" للأسواق الناشئة في أعقاب العملية العسكرية في أوكرانيا وتباطؤ النمو الاقتصادي في الصين عززا الاستثمارات في المنطقة، وفقا لبلومبرج.
ورغم النشاط إلا أن الطروحات في المنطقة جمعت نحو نصف المبلغ المسجلة العام السابق والبالغة 10.5 مليار دولار.
ويتجه عام 2023 إلى تقلد الترتيب الثالث بين أفضل السنوات أداء منذ عام 2007 من حيث حصيلة صفقات الطرح العام الأولي، حيث تمثل صفقات الطرح العام الأولي بالمنطقة 45% من إجمالي نشاط أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في هذا القطاع، بحسب بيانات بلومبرج.
التوقعات تشير إلى استمرار قوة طلب المستثمرين على الاكتتابات الإقليمية حيث لا يتوقع المصرفيون تباطؤ عمليات الطرح الأولي بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وقت قريب، مع استمرار القوة الدافعة للنمو القوي والإصلاحات الحكومية وطلب المستثمرين.
رئيس وحدة أسواق رأس المال بمناطق وسط وشرق أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في "بنك أوف أمريكا" قال كريستيان كابان قال إن هناك آفاق مستقبلية قوية لأداء عمليات الطرح الأولي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في عام 2024 وربما يكون الفرق بين عامي 2023 و2024 هو أن الأخير سيشهد دخول مزيد من الشركات الخاصة للأسواق.
في 2022، بلغ حجم الطروحات الأولية بمنطقة الشرق الأوسط 23 مليار دولار تقريباً، مقابل 31.2 مليار دولار خلال 2019، والتي جرى خلالها عملية الطرح العام الأولي لأسهم شركة أرامكو السعودية التي بلغت قيمتها 29.4 مليار دولار.
أداء أسواق الطروحات بالشرق الوسط يأتي على الرغم من ضعف نظيراتها في الولايات المتحدة وأوروبا والصين حيث تتجه عمليات الطرح الأولي على مستوى العالم إلى تسجيل أسوأ أداء سنوي لها منذ 2009.
في منطقة الشرق الأوسط، بلغ متوسط ارتفاع الأسهم بعد عمليات الطرح الأولي، التي جمعت 100 مليون دولار على الأقل، 40 % تقريبا.. الأداء القوي لعمليات الطرح الأولي بالمنطقة يحافظ على عودة المستثمرين للمشاركة في مزيد من الصفقات، خاصة أن عدد كبير من الصفقات يدر عائدات جيدة وتوفر فرصا للاستثمار في قطاعات جديدة ومتنوعة.
في نهاية 2023.. ازدهرت طروحات الشرق الأوسط حيث جذبت أسواق الأسهم في المنطقة طلبا قويا متحدية المخاطر الجيوسياسية الناجمة عن العدوان الإسرائيلي على غزة وضعف سوق الطروحات حول العالم.
التوقعات تشير إلى زيادة اهتمام المستثمرين بالاكتتابات وصفقات طرح الأسهم مجددا مع اقتراب البنوك المركزية من نهاية سلسلة زيادات أسعار الفائدة.
جولدمان ساكس يتوقع صفقات أكبر حجما ويرجح أن المزيد من المستثمرين على استعداد للاستثمار في رأس المال، مما يبشر بالمزيد من النشاط في المستقبل.
سوق الأسهم الهندية المزدهرة مرشحة كذلك لمواصلة النمو بسبب ارتفاع قيم الأسهم التي تجذب الشركات والمساهمين الراغبين في التمويل، فيما تغري مكاسب أسعار الأسهم المستثمرين الذين يتجنبون الاستثمار في الصين.
قيمة عمليات الطرح الأولي للاكتتابات العامة وأسهم زيادة رأس المال في الهند تجاوزت نظيرتها في بورصة هونج كونج وذلك لأول مرة منذ 30 عاماً على الأقل، وساهم في هذه الحصيلة التي بلغت 24.2 مليار دولار من تلك العمليات في السوق الهندية، ارتفاع مؤشر الأسهم بنسبة 18% مقارنة مع هبوط مؤشر الأسهم في الصين بنفس النسبة تقريبا.
المشهد مختلف في الاقتصادات الكبرى حيث حذرا البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي سلفا من أن القطاع الصناعي في منطقة اليورو يواجه وضعا ضعيفا وهو ما سيمتد لقطاع الخدمات لاحقا وذلك رغم التفاؤل بشأن قدرة الشركات على مواجهة التحديات.
بنوك الادخار اعتبرت أن رفع أسعار الفائدة كان بمثابة اختبار تحمل حيث قال رئيس جمعية بنوك الادخار هيلموت شلويس إن وتيرة التشديد النقدي التي اتبعها البنك المركزي الأوروبي كانت بمثابة اختبار تحمل لبنوك الادخار الألمانية حيث اضطر مقرضون إلى شطب حوالي 8 مليارات دولار لأن ارتفاع أسعار الفائدة أثر على تقييم السندات في محافظهم الاستثمارية.
شلويس ذكر أن تلك الوتيرة كانت غير متوقعة بالنسبة إلى الجميع كما أكد على أن الاندماج بين البنوك الإقليمية في ألمانيا سيحدث في مرحلة.
ورغم تأزم الاقتصاد يرى جولدمان أن وضع الشركات تحسن في مواجهة الأزمات حيث سجلت انتعاشا بشكل أو بآخر في الربع الثاني من العام استنادا إلى حقيقة أن دورة رفع أسعار الفائدة ستنتهي الأمر الذي يصل بالاقتصاد إلى بيئة أكثر استقرارا.
جولدمان رصد تصاعد الاستثمارات في خطط الشركات وعلى الرغم من عدم التيقن من تحسن الاقتصاد.
بلومبرج نقلت عن المسئول في البنك المركزي الأوروبي أوسكار آرس أنه على الرغم من فقدان الخدمات زخمها حاليا وضعف القطاع الصناعي إلا أن هناك نمو قوي للأجور وفقا للمعايير القياسية.
المدير الأوروبي لصندوق النقد الدولي ألفريد كامر قال إن التضخم لا يزال يمثل المشكلة الأولى والتي يجب السيطرة عليها ورغم انخفاض التضخم في منطقة اليورو إلى النصف تقريباً من مستوى قياسي بلغ 10.6% في أكتوبر لكنه لا يزال أعلى من 5%، أي أكثر من ضعف هدف البنك المركزي الأوروبي.
المسئول في صندوق النقد قال إن النمو البطيء بمنطقة اليورو يتماشى مع ما كان يتوقعه الصندوق مشيراً إلى أن الإنتاج الصناعي يتباطأ ومن المنتظر أن يتبع ذلك الخدمات.. ووسط توقعات بهدوء لمسار الفائدة وفرص أكبر بالأسواق الناشئة يرسم العام الجديد ملامح الاكتتابات العامة في الأسواق الناشئة والمتقدمة على حد سواء.