أشتاق حقا للزمن الجميل ، أشتاق لصبايا ونضالى الطلابى حيث كنت رئيسا لإتحاد طلاب مدرسة ناصر الثانويه ببلدتى بسيون ، وتم تصعيدى منها لإتحاد طلاب الجمهوريه ، أشتاق لمدير المدرسة العظيم الأستاذ عبدالمنعم خاطر الذى رفض أن يقترب منا الأمن يوم تصدينا كإتحاد طلاب لحفل باليه كان مزمع إقامته بالمدرسه ، أشتاق إلى أستاذى ورفيق درب والدى الأستاذ عبدالعاطى البلاط مدرس أول التربيه الإجتماعيه ورائد إتحاد الطلاب رحمهم الله ، والذى تعلمت منه الأمانه ، والصدق ، والأداء الطلابى المحترم ، وهو من كان سيزج بنفسه مضحيا من أجلى عندما هاجمت اللائحه الطلابيه فى مواجهة وزير التربيه والتعليم فى ذلك الوقت وقيادات التعليم وذلك بمقر إتحاد الطلاب بالعجوزه ، لكن الله سلم وأثنى الوزير على رؤيتى ، فكان ذلك طوق نجاه ومنطلق هدوء نفسى بعد توتر شديد تأثرا بإندفاعى في النقاش كشاب ليس لديه في ذلك الوقت أي حسابات .
أشتاق لكل ماهو قديم وأصيل ، أشتاق لمنزلنا القديم فى الحى العتيق " حى الأشراف " ببلدتى بسيون الذى ولدت فيه وتعايشت مع نسمات الهواء التى كانت تمر عليه ، أشتاق لعبق الماضى فأغوص فى أعماقه وأتعايش مع ذكرياته ، أشتاق لمضيفة العائله ذا التاريخ التليد ، ومنطلق جولاتى الإنتخابيه ، والمبنى القديم لمسجد جدى سيدى سليمان البسيونى أيضا فى حينا العريق حى الأشراف والذى بدأ كزاويه تم تشييدها عام 735 هجريه بعد وفاته ، وتم تطويره لمسجد رمم على مراحل زمنيه عديده ، طبقا لرواية مؤرخ العائله الدكتور عمر محمد الشريف والذى إحداها عام 64 عندما إستقبل رمز العائله عمنا الشيخ محمد عبدالرؤوف الشريف اللواء أحمد محمد على محافظ الغربيه ، وروعة الجلوس فى صحنه قبل أن يهدم ويتم تشييد مبناه الحديث الذى ماعوضنا عن التاريخ .
أشتاق للوفد القديم رجالا وكيانا وقيمة وقدرا وشموخا ، أشتاق إلى بدروم قصر فؤاد باشا سراج الدين بجاردن سيتى الذى شهد مولد جريدة الوفد عام 84 ، لذا دائما ماكنت أطلب التواجد فيه كلما ساقتنى الأقدار إليه .. أشتاق إلى ميدان سفنكس ، والمنيره ، وبولس حنا ، حيث التاريخ العظيم ، أشتاق للجلوس بين يدى فؤاد باشا سراج الدين فى قصره بجاردن سيتى ، وأروقة حزب الوفد وحجرة مكتبه ، أشتاق لإبراهيم باشا فرج ، والدكتور وحيد رأفت ، والدكتور عبدالحميد حشيش الذين كثيرا مابادلتهم حبا بحب . إشتقت إلى ماكان بينى وبين الدكتور نعمان جمعه القيمه القانونيه الرفيعه من مشاغبات حتى وإن إنتهت بفصلى من عملى بجريدة " الوفد " رغم تمتعى بالحصانه البرلمانيه عضوا بمجلس الشعب . إشتقت للأصيل الراهب فى محراب الوفد الدكتور محمد على شتا .. إشتقت إلى صديقى العزيز الدكتور السيد البدوى إبن طنطا القيمه الكبيره الذى ظلمه التاريخ عندما تولى مسئولية الوفد فى تلك الحقبه من الزمان الذى خيم عليه الإستقطابات والترديات . أشتاق إلى النائب الدكتور محمود أباظه إبن الأصول ، نجل القطب الوفدى أحمد بك أباظه الذى تشرفت بالإقتراب منه وأنا شاب ، إشتقت للنائب علوى حافظ المناضل الجسور ، وممتاز نصار شيخ البرلمانيين ، والنائب على سلامه العملاق ، والنائب حافظ شيحا إبن الأصول ، والنائب اللواء عبدالمنعم حسين القيمه والنائب طلعت رسلان صاحب الصفعه الشهيره على وجه زكى بدر لأنه تطاول على الوفد تحت قبة البرلمان .
أشتاق إلى أستاذى العظيم وحبيبى الغالى والقدوه العملاق مصطفى شردى الذى علمنى كيف يكون صدق القلم ، وأستاذى العظيم جمال بدوى أطيب قلب عرفته فى حياتى وأعظم مؤرخ عرفته مصر ، وأكرم من عايشتهم فى الحياه ، إشتقت لأخى الأكبر وصديقى الغالى الحبيب سعيد عبدالخالق أفضل من يكتب خبر فى الصحافه المصريه .. إشتقت لمداعباتهم وفصولاتهم ومؤامرتهم على شخصى بصالة التحرير حتى باتت أحد أهم التناغم داخل أسرة جريدة الوفد التى أعطيتهم قلبى أمانه طواعية وعن طيب خاطر منذ غادرتهم لجريدة الجمهوريه الحبيبه عام 2003 لأنه لم يقوى على مفارقتهم .
أشعر بالحنين للماضى رغم أنه أصبح ذكرى بعد رحيل معظم رموزه ولم يتبقى إلا هذا الجيل شاهدا على عظمة اعظم رجالات مصر ، عشقت الوفد حتى تراب القصر ببولس حنا وحديقته التى كنت أهتف فيها شابا عاش الوفد ضمير الأمه عاش نضال الوفديين ، وهذا المكان الذى كنت فيه إماما وخطيبا فى صلاة الجمعه يوم إنعقاد الجمعيه العموميه للوفد .. يالا الحزن كل شيىء تبدل وتغير لم يعد الوفد كما كان مكانا ذا تاريخ وأشخاصا وساكنين ، بل لم يعد ساكنيه العظماء موجودين ، ولم يعد بولس حنا يبتهج بوفود الوفديين ، ولم يعد مكانا يأنس إليه الحيارى ، ولكنه التاريخ الذى أبدا لن يقول إلا أن الوفد قيمه كبيره فى هذا الوطن ، حتى وإن مرض فإنه لايموت . حفظ الله الوفد شعاعا فى ضمير الوطن ، ونبراسا للوجود السياسى ، ومنطلقا لكل عطاء . حفظ الله الوطن الغالى .