تنتابنى حالة عجيبة تجعلنى ألوذ بالصمت حتى عن الحديث فيما يتعلق بالشأن العام ، وذلك تأثرا بما نشهده من هذا اللامعقول واللامفهوم الذى خيم على واقعنا السياسى والمجتمعى ، فأصبحنا نرى بجاحة من يسموا أنفسهم مثقفين يتباهون بالطعن في الثوابت الدينيه في بلد الأزهر الشريف ، ومايسمى بالقبائل الذى يتم ترسيخه في واقعنا المجتمعى ، وجعله لاعب رئيسى في واقعنا السياسى ، في هذا الزمان وتلك الأيام يتعين أن نعلى فضيلة التقارب ، ونعظم الموده ، ونعمل على تقريب القلوب ، وإستشعار المحبه ، ولعلها من الخصال الطيبه أننى كلما إلتقيت بالشباب ، نتحدث ، ونتحاور ، ونتسامر ، ونعبد رب العالمين حيث تضمنا الصلاة في المساجد ، ولهم أقول مافى القلب بصدق ، هذا الصدق الذى تلاشى من الجميع على حد قولهم ، فإنفض الجميع من حول الجميع .
من أجل ذلك كان من الأهمية التأكيد على أنه كلما أدركت هزلية المشهد السياسى ، وضعف الأداء الحزبى ، أجد نفسى متعايشا وجدانيا مع الماضى ، والذى دائما مايحرك ماأكتبه بشأنه شجون شباب كثر ، البعض منهم لم يعايشوا أحداثه ، ولم يقتربوا من مجرياته ، ولم يعرفوا ماتبقى من كبار رجالاته قبل رحيلهم ، لحداثة سنهم حيث لم يكن البعض منهم قد ولدوا بعد ، وآخرين كانوا أطفالا صغار وصبيه ، خاصة في الفتره التى كشفت فيها النقاب عن تاريخى السياسى والصحفى الذى يعود إلى 40 عاما مضت إنطلاقا من الوفد فى زمن الشموخ ، طارحا صورا مع الزعيم فؤاد باشا سراج الدين وتحقيق صحفى نشرته بالوفد قبل حوالى 39 عاما .
إنطلاقا من الصراحه التي أدركوها في حديثى ، والصدق الذى أحرص عليه دائما نهجا في الحياه ، سألنى الشباب الذين تنطلق أسألتهم مابين متعجبين من قناعتى بالوفد ، وإحترامى لما لديهم من رؤيه بشأنه وكل الأحزاب الآن ، الذين باتوا نسخه واحده حتى في المنهج اللهم إلا إختلاف المسميات ، تعجب الشباب من إحترامى لما قالوا به دون إدراك منهم لقناعاتى بأهمية إحترام الرأى والرأى الآخر القائم على الموضوعيه والإحترام والحجه والبيان ، قال الشباب كثيرا ، من أنه لافرق بين كل الأحزاب حتى في الأداء القائم على لاشيىء ، فإنفض الناس من حولهم جميعا ، وبات قادته وأعضائه يخاطبون بعضهم البعض ولايستطيعون مخاطبة الجماهير ، ويتعجبون كيف للوفد التاريخ العظيم أن يصبح كغيره من الأحزاب رغم قادته ، وعظمائه ، وحتى مبادئه التى جعلت منه منطلقا لكل الوطنيين فى الماضى البعيد والقريب ، وما ثورة 19 ببعيد ، وماتضحيات الشرطه فى السويس ضد الإحتلال الإنجليزى تحت قيادة زعيم الوفد فؤاد باشا سراج الدين وزير الداخليه فى ذلك الوقت ببعيده والتى إنطلق منها عيد الشرطه .
إستمع الشباب لما أقول بإمعان ، وإنصات ، وإستيعاب لما طرحته خاصة عندما قلت لهم لاأختلف مع ماطرحتموه من أنه طال حزب الوفد العريق ماطال غيره من الأحزاب ، لكن مرجع ذلك مناخ سياسى عام طال كل الأحزاب وحتى واقعنا السياسى والبرلمانى والمجتمعى ، وبات الجميع في تيه ، وإنزوى القامات الشامخه في ركن ركين إحتراما لتاريخهم ، وحفاظا على ثوابتهم ، وليس سلبيه طالتهم ، خاصة وأن الباب بات مفتوحا على مصراعيه لدخول أشباه الساسه ، وأنصاف السياسيين ، فأصبحنا نسمع آراء يتعجب لها كل الخلائق ، وتكشف عن إنحدار غير مسبوق في الفهم والفكر ، وليس مرجع ذلك تردى طال حزب الوفد في المنهج أو الأداء ، وحرصت على أن أوضح لهم أننى أقول ذلك متمسكا بوفديتى التي علمتنى الصدق ، وقناعتى السياسيه التي علمتنى أن أقول الحق إنطلاقا من أن الوفد ضمير الأمه ، وأنه حزب خرج من رحم الشعب ، وغاص فى وجدان المصريين كما كان يحلو لأبى رحمه الله أن يقول وأنا طفل صغير ، ولى الشرف أننى تربيت على يد زعماء فى القلب منهم فؤاد باشا سراج الدين ، وأساتذه لايتكررون كثيرا بالحياه وبالتحديد شردى ، وبدوى ، والطرابيلى ، وعبدالخالق عليهم رحمة الله ، وسيظل هذا الإعتزاز قائما حتى وإن كنت لم أعد فاعلا فى الحياه السياسيه .
يقينا .. شاركتهم الرؤيه التى طرحوها وأضفت عليها كثيرا ماجعلهم في ذهول من صراحتى ، والتي وصلت إلى حد إعترافى بأننى منذ فتره لم أعد متحمسا لأى ممارسه سياسيه ، أو التفاعل مع أي نشاط حزبى ، أو المشاركه في أي إنتخابات برلمانيه حتى ولو بالإدلاء بالصوت ، وقصر عطائى السياسى والحزبى والبرلمانى على خدمة أسيادى الكرام من المرضى البسطاء والمهمشين وأصحاب الحاجه ، الذين أفخر بأننى جزء من كيانهم ، معترفا بأنه رغم وفديتى التى لايزايد أى أحد عليها ، وتشرفى بأن كنت النائب الوفدى الوحيد فى البرلمان عن محافظة الغربيه دورة 2000ــ 2005 أخذت خطوات للخلف راصدا لواقعنا ، ومتأثرا بأحداث سياسيه وحزبيه كثيره قد تكون نقطة تحول فيما بقى لى من عمر فى هذه الحياه الفانيه ، خاصة وأننا جميعا وبوضوح أصبحنا نتعايش مع ضبابيه طالت الممارسه السياسيه والحياه الحزبيه ، حتى داخل المعارضه الوطنيه الشريفه والنظيفه حيث الوفد فى زمن الشموخ الذى أنتمى إليه ، لذا تراجع كثر عن أداء دور حقيقى ، وإكتفوا بالحفاظ على المبادىء الوطنيه التى تربينا عليها والتى تنطلق من شموخ وليس سكون أو جموح . توقف الشباب بإندهاش غريب عن رؤيتى بشأن ظاهرة تغير أفكار الساسه ، ورؤاهم السياسيه ، ونفس الشيىء بالنسبه للصحفيين ، إتفقت معهم تماما لكن ليس إنطلاقا من إستهجان إنما إنطلاقا من قناعات . يبقى أن شباب كثر قالوا أين الوفد وأين أنا منه ؟ قلت لهم كثيرا .. تابعوا مقالى المنشور غدا بإذن الله تعالى