دفعنى ماتفعله الحكومة بالشعب دفعا ، وتصرف البعض من هؤلاء الذين يبررون ماتفعله بحقهم الحكومه خاصة مايتعلق بالعبث في دعم رغيف العيش ، أن يأخذنى الحنين لتناول مضامين الإنسانيه ، والتعايش معها مرات ومرات ومرات عبر قلمى ووجدانى وكيانى ، خاصة بعد أن أصبحنا نفتقدها فى حياتنا ، وحتى سلوكنا ، وتعاملاتنا ، تناغم معى في هذا الشعور الوجدانى النبيل كثر من الأحباب تأثرا بما كتبته بشأنها في مقالى المنشور الجمعه الماضيه ، بل طالبونى ألا أوجع دماغى في تناول أمور مؤلمه " تحرق الدم " ويعرفها متسببيها ، حفاظا على صحتى ومابقى لى من إستقرار نفسى ، ولعل مرجع رؤيتهم تنامى التطاحن والبغضاء فى المجتمع ، وكذلك تنامى الصراعات ، وبذلك أصبحنا نفتقد منطلقات التعايش السوى بين الناس فى مجتمع المفروض أنه مجتمع محترم ، وكل من فيه يعظمون الفضائل ، وينبذون المساخر ، بل إننى أصبحت أشارك الشاعر الفلسطينى محمود درويش رحمه الله أحد أشهر الشعراء العرب في العصر الحديث ، وأحد العرّابين الذين ساهموا في تطويره بشكل كبير تخوفه والذى عبر عنه بقوله " كنا نفتقد الحرية ، اليوم نفتقد المحبة ، وأضاف بوضوح قوله أنا خائف من الغد ﻷننا سنفتقد الإنسانية ".
الإنسانيه ليست شعارات ، إنما سلوك ، وتعامل ، وتعايش ، وتناغم ، وإحساس بالآخر كيانا ، ووجدان ، وهى تتجلى عندما يتعمق لدينا الصدق ، ونبتعد عن الخداع ، ويتعاظم لدينا المحبه ، ونبتعد عن التضليل ، وعندما يكون هناك وضوح فى الرأى ، وشفافيه فى الطرح ، ومصداقيه فى العرض ، ونسحق الإستقطاب البغيض ، ونرفض التعامل والتعايش بظاهرة الوجهين ، أو الألف وجه ، ونؤكد على النصيحه الخالصه لوجه الله والصادقه ، ونرفض النرجسيه ، و شحذ الناس وشحنهم ضد من نختلف معهم فى الرؤيه أو الرأى .
يتعين أن ندرك جيدا أن ديننا الإسلامى الحنيف يعظم الإنسانية الحقة ، لأنها تنطلق من العقيدة الإسلامية ، وتتعامل مع الناس وفق الخلق الإسلامي القويم ، لذا كانت إنسانية هذا الدين تعم كل البشر ، فلا تفرق بين أسود وأبيض ، ولا تتغير وفق المصالح والأهواء ، ولا تتبدل حسب القوة والسلطان ، لذا كان من الطبيعى لفظ أدعياء الإنسانية المزيفة ، التي يتشدقون بها أمام العالمين ، وهم يحتكرونها لهم ولذويهم فقط . يبقى علينا التمسك بمقاومة مايحاول أن يصدره البعض ضد الإنسانيه ، ونعلى الشعور الإنسانى النبيل حتى يصل لمرتبه رفيعه ، وهذا ندركه جيدا عندما يكون هناك إستنفارا عاما لإنقاذ مريض فى جوف الليل ممزوجا بالتعايش مع المشاعر المتوترة لذويه ، والهلع والخوف أن يصيبه مكروه ، أو نجدة ملهوف ، أو رفع ظلم عن مواطن بسيط لاسند له فى الحياه من أصحاب السلطه وذوى الشأن ، أو جبر خاطر منكسر تاه فى دروب الحياه تأثرا بضيق ذات اليد .
يقينا .. قد يتعجب البعض مما أقول به فيما يتعلق بالإنسانيه بعد أن باتت من النوادر فى المجتمع ، أو أمر لا يقبل به كثر حتى فى تعاملاتهم بعد إنحصار الأسوياء فى مجتمع يفتقد من فيه السكينه والرحمه ، من أجل ذلك كان إطعام الفقير ، وتعليم الجاهل ، وعلاج المريض ، ومساعدة المحتاج ، وعدم التسرع بالحكم على ظاهر الناس ، وتنمية مشاعر الصَّفح والعفو وقبول الأعذار محددات رئيسيه لتعميق الإنسانيه .