رئيس مجلس الإدارة
شريف عبد الغني
رئيس التحرير
ناصر أبو طاحون
رئيس التحرير التنفيذى
محمد عز
  1. الرئيسية
  2. وجهات نظر

نادية هارون تكتب: الديمقراطية تصنعها الشعوب

الديمقراطية بمعناها البسيط والمباشر هي مشاركة الشعب في إتخاذ القرار ، ولكن هل تصنع الأنظمة الديمقراطية أم يصنعها الشعب؟ بكل بساطة لا يمكن لأنظمة أن تصنع ديمقراطية تُمَكِّن الشعب من تغيير ذاك النظام اذا وجدت منه تجاوزاً ، لذلك فمن رأيي المتواضع أن الشعوب هي من تصنع الديمقراطية.

نظرة سريعة لتجربة كوريا الديمقراطية التي صُنِّفت وحدة إستخباراتها الإيكونوميست عام 2022 ووفقا لمؤشر الديمقراطية V-Dem على أنها ديمقراطية كاملة ، كما إحتلَّت في عام 2023 المرتبة الثالثة للديمقراطية الإنتخابية في آسيا ، فقد كانت الأحداث الأخيرة من عزل الرئيس يون سوك 
يول صورة حقيقية للديمقراطية التي بإمكانها تغيير نظام  شعباً وأحزاباً، ظهرت جلياً حين إنضم "حزب سلطة الشعب" وهو الحزب الحاكم الى المعارضة في البرلمان وصدر القرار بعزل الرئيس لفرضه الأحكام العرفية ، وهو قرار غير مسبوق.

الصورة المغايرة لتلك التي شاهدناها في كوريا هي ما يحدث في مصر ، ففي حين يطالب الشعب بالديمقراطية ، نجده غير مُقْبِل على صناديق الإقتراع سواء في الإنتخابات البرلمانية أو الرئاسية ، لأسباب أولها وأهمها هي عدم وعي الشعب بأهمية التصويت ، وأنه واجب أولاً للحصول على الحق ثانياً ، ثم أنه وفي كل مرة تشهد البلاد إستحقاقاً إنتخابياً رئاسياً يخرج علينا المرشحون الضعاف بجملة "المعركة محسومة" ، وكذلك الأمر في الإنتخابات البرلمانية ، وإغتراب عدد كبير من الأفراد عن محافظاتهم ، أضف الى ذلك الكسل والسلبية لدي كتلة ليست بالبسيطة ، ولو أن كل من له الحق في التصويت ذهب وأدلى بصوته لتغيرت كافة المعادلات وتحققت الديمقراطية.

ولكن كيف نتخلص من عملية الحشد والتجييش لمرشح بتقديم وعود كاذبة ، وشراء أصوات ورشاوى إنتخابية لمرشح آخر ، وإبتعاد كتلة كبيرة ممن لهم حق التصويت عن العملية برمتها ، ثم تخرج علينا معارضة غير ممثَلة في البرلمان وتوجه إتهامات الى البرلمان ، وتطالب بتغيير النظام.

بداية وقبل أي عملية إنتخابية بفترة كبيرة ، يجب أن تكون هناك برامج ولقاءات تحث المواطن على القيام بواجبه في الإقتراع ، كي يكون له الحق في الإعتراض على ما لا يريد ، وأنه لا يحق له الإعتراض اذا لم يمارس حقه الإنتخابي ، كذلك يجب أن تكون هناك أحزاباً شعبية وليست أحزاباً نخبوية ، فللأسف كافة الأحزاب سواء القديمة منها أو ما تم تشكيله بعد يناير 2011 فجميعها أحزاب شكلية هشَّة إما تراجعت عن تواجدها بالشارع كالأحزاب العتيقة ، أو إكتفت بتقديم مساعدات للبسطاء من أجل كسب أرضية لها بالشارع المصري.

وأخيراً فكيف لشعب لم يكن بالوعي الكافي لأهمية التصويت وفق رؤية سياسية -وليس مجاملةً لأحد أو عدم وعي- أن يصنع ديمقراطية ، ثم يكون فريسة لشائعات مغرضة وفتن ، وإستغلال بعض السياسيين الضعاف الراغبين في السلطة وهم دون الحد الأدنى الذي يؤهلهم لذلك ، بالضغط عليه بظروف إجتماعية صعبة بهدف تغيير النظام.

الدور الحقيقي للنظام في صنع الديمقراطية هو توعية الشعب بأهمية دوره السياسي ، والممارسة الحقيقية والطبيعية لهذا الدور إذا كان راغباً في تحقيق الديمقراطية.