سائني كثيراً ما إنتشر على وسائل التواصل الإجتماعي من دعوات تحريضية ضد المملكة العربية السعودية ، تارةً حول الفنانين المصريين الذين يهرولون نحو المملكة أو يستقطبهم المستشار ترك آل شيخ ، وتارةً أخرى حول ما تقدمه المملكة وهذا التحول الكبير في المجتمع السعودي ، وأخيراً فعاليات الرياض الأخيرة ، وربطوا بين الترفيه في الرياض والأماكن المقدَّسة في مكة والمدينة ، وإعتبروا تلك الحفلات تدنيس للحرمين.
أذكركم يا سادة بدرس أبرهة الأشرم حين أخذ جيشَه وفِيلَه وذهب لهدم الكعبة ، حينها إستولى جنوده على إبل عبد المطلب بن هشام جدّ رسولنا الكريم فذهب عبد المطلب وطالب بإستعادة الإبل ، سخر منه أبرهة وقال: سيد قريش جاءني مطالبا بإستعادة الإبل ولم يطالبني بالعودة عن هدم كعبتهم المقدَّسة ، رد عبد المطلب قائلا: أما الإبل فأنا ربها وأنا حاميها ، وأما البيت الحرام فله رب يحميه ، وقد حمى الله بيته الحرام ، وهو وحده القادر على حماية بيته ، وتذكروا أنه للبيت رب وللطفل أب فكونوا آباءً وإحموا بيوتكم وإهتموا بشأنكم لتخرجوا لنا أجيالا أكثر إحتراماً وإلتزاماً ، فبينما يترك الرجل بيته وأولاده دون مراجعة وتوجيه ويتفرغ للعب دور المحلل السياسي تارة والخبير الإستراتيجي تارة أخرى ، بل وتمادى أن نصَّب نفسه حامي حمى البيت الحرام ، يترك بيته ينخر فيه السوس ولو بحثت لوجدتَّه غير قادر على إدارة شؤون بيته .
الدرس الآخر يا سادة هو أن الله قدَّر للأرض والبشر أن تسير في هذا الإتجاه سواء كان بن سلمان أو غيره كان سيحدث فنحن في آخر الزمان ، أنظروا الى أنفسكم كم متعبد منكم؟! ، وسائلوا أنفسكم أولاً هل أنا أهل لهذا؟ هل فعلتُ أنا كل ما يرضى الله؟ هل أعطيتُ الله حقه علي؟ حاسبوا أنفسكم ، تفرغوا لإصلاح ذات بينكم، لكنكم نصَّبتم أنفسكم آلهه تُحاسِبون غيرَكم وتنتقدوا أفعال الغير وتُسِيئوا إليهم بعلم وبغير علم ، من أنتم ؟ الخالق عز وجل خلق بداخلنا كافة الصفات حسنها وقبيحها ( ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها) التعبُّد مُتاح والترفيه واللَّهو مُتاح وكل إنسان هو من يختار طريقة ، وإلَّا كيف يكون الحساب والثواب والعقاب؟! .
كمسلمين ما الذي يعنينا من السعودية ، لا شيء سوى توفير أفضل الوسائل والسبل للتيسير على الحجيج وفي هذا الشأن لم تتوانى المملكة في تطوير الحرمين لتوفير بيئة تساعد الحاج على أن يكون في معيَّة ربّْ البيت ، والشعب السعودي الوحيد الذي له الحق في الإستحسان أو الإستهجان وهذا شأنهم ، فإذا تدخَّلت في الشأن الخاص لغيرك لا تَلُمْه إذا أعادها عليك ، يعنينا أيضا أن تستمر العلاقات بين البلدين فكل منَّا في حاجة للآخر .
هاجمتم ترك آل شيخ وقلتم أنه يسحب الفنانيين المصريين نحو الرياض ، أليس هذا مصدر دخل لهم ولأفراد الفرق الموسيقية الذين حُرِمُوا من حفلات البلاي باك حتى أصرَّت النقابة على أن تكون لايف حفاظاً على مصدر إعاشة أفراد الفرق الموسيقية؟ والدولة تحصِّل ضرائب على الدخل فهذه الحفلات تعود بالنفع على مصر ، وماذا كنتم ستفعلون إذا إتجه آل شيخ نحو لبنان فقط ؟ كنتم ستكيلون له الشتائم لتجاهله الفنانيين المصريين ، وسائلوا أنفسكم ما الهدف من ضرب علاقة مصر تارة بالإمارات وتارة أخرى بالسعودية؟ هناك من يعمل جاهداً على عزل مصر عن الدول العربية لوقف أيَّة مساعدات وإضعافها ثم الإنقضاض عليها ، لا تكونوا وقوداً لإشعال الفتن ، إستقيموا في أفعالكم ونفوسكم يرحمكم الله.