رئيس مجلس الإدارة
شريف عبد الغني
رئيس التحرير
ناصر أبو طاحون
المشرف العام على التحرير
محمود الشاذلى
رئيس التحرير التنفيذى
محمد عز
الأخبار العاجلة :
  1. الرئيسية
  2. وجهات نظر

الشيخ أبو بكر الجندي يكتب عن: عائشة والحب النبوي

الناس يحتفلون بعيد الحب في يوم من كل عام على اختلاف صوره وأشكاله وألوانه, وإن أريد به العشق الممنوع فهو ممنوع أو الشهوة المحرمة فهي محرمة, وهذا ليس بحب؛ لأنه مذلة للإنسانية, ومهانة للكرامة الآدمية, وهو أشبه بالطفل الملهوف على لعبته الجديدة التي سرعان ما يملها ولا يلتفت إليها, ويتلهف للعبة أخرى. 
وإن أريد به الحب المشروع من محبة الله وأنبيائه ومحبة الوالدين والأهل والأولاد والأزواج ومحبة الناس جميعا فهذا العيد ظلم كبير للحب, لأن القلب إذا انقطع عنه وقود الحب لحظة فهو من جملة الأموات.
فليس الحب لهفة البدايات, أو شهوة عابرة, وإنما الحب طاقة هائلة وشعلة ‌تتلألأ, وشلال منهمر تتفجر من خلاله ينابيع الخير التي تعبر المكان والزمان حينما تلتقي القلوب وتتعانق الأرواح حتى ولو ماتت الأجساد والأشباح, ويبقى أثر الحب على مر العصور والأيام فهو حبل الوصال حتى بين الأحياء والأموات. 
والحب والألفة نبتة ربانية لا يقوى على إحيائها في القلب إلا خالقها, كما قال تعالى لرسوله عن الألفة بين الأنصار بعد عداوتهم: {وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ}[الأنفال: 63], ولا يقوى على إغماد المحبة بين الزواج ساحر ولا كاهن ولا أحد إلا بإذن الله, {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ}[البقرة: 102].
والحب بين الأزواج معجزة وآية من آيات الله تعالى, {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}[الروم: 21], وإذا كان الحب بذرة ربانية في قلب الزوجين, إلا أن هذه البذرة لا يهتم بها إلا المحبين, ولا يسقيها إلا المشتاقين فتنموا وتترعرع في كل وقت وحين, ولقد ضرب لنا النبي صلى الله عليه وسلم أروع المثل في الحب وتجديده والود وتعميقه كما وكيفا مع السيدة عائشة رضي الله عنها من خلال المشاعر التالية:
ـ أن مجتمع المدينة كله كان يعلم الحب النبوي للسيدة عائشة, حتى أنهم كانوا يحرصون على إهداء النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة عائشة دون غيرها, ويُسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أحب الناس إليه؟ فيصرح ولا يكني ويقول: عائشة, ثم يسأل: فمن الرجال؟ فيقول: أبوها, ولم يقل أبو بكر؛ لأنها هي الأصل والأساس لا أبوها.
ـ ترجمة المحبة إلى مودة ورحمة ومساعدة لأهله فكان صلى الله عليه وسلم يخصف نعله بنفسه، ويرقع ثوبه ويحلب شاته, ويقول: "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي".
ـ يأكل من الموضع الذي أكلت منه عائشة, ويشرب من موضع شربها ويضع فمه الشريف على موضع فمها من الإناء.
ـ يسابق السيدة عائشة في العدو والجري فتسبقه تارة ويسبقها تارة أخرى.
ـ يستمع لها ويصغي لحديثها إذا تحدثت ولا يمل حديثها ولا يتثائب مهما طال كما في قصة أبي زرع وحديث عائشة الطويل.
ـ حتى في اللحظات الأخيرة من حياته صلى الله عليه وسلم لم تخلوا من لمسات حانية ومشاعر راقية, فجمَع الله بين ريقها وريقه عند موته, وهو يستعمل سواكها, ويخبرها أن الموت هان عليه أنه رآها زوجته في الجنة, ثم تصعد الروح الطاهرة إلى ربها ليس وهو ساجد أو راكع, وإنما صعدت وهو في حجرها وهو مستند على صدرها بين سحرها ونحرها, فهنيئا له بعائشة وهنيئا لعائشة به.