أبرزت واقعة حضانة قرية تطاي بالسنطة أزمة اشتراك غير المؤهلين في عملية تعليم الأطفال الصغار حيث مثلت واقعة طفلة حضانة السنطة نموذجًا لأسوأ أسلوب لتعليم الأطقال في سن ما قبل المدرسة.
ففي الآونة الأخيرة، تزايدت حدة الحديث عن أزمة كبيرة في قطاع التعليم الخاص، وخاصة فيما يتعلق بالجهات التي تتولى مهمة تعليم الأطفال في مراحلهم المبكرة. تلك المرحلة التي تعتبر حجر الأساس في تشكيل شخصية الطفل وتطوير مهاراته الحياتية والفكرية. وأصبحت بعض المؤسسات التعليمية الخاصة، بما في ذلك الحضانات، تشهد العديد من الحالات المقلقة، التي تعكس مستوى غير مؤهل للمشرفين عليها. ولا يعد ما حدث في إحدى حضانات قرى مركز السنطة بمحافظة الغربية من هذه الحوادث العارضة، بل أصبح علامة فارقة في نقاشات الرأي العام حول تأهيل المعلمين والمعلمات في المؤسسات التعليمية الخاصة.
واقعة طفلة السنطة: ضحية تعليم غير مؤهل
شهدت محافظة الغربية واقعة أثارت الجدل في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، بعد أن تم نشر فيديو يظهر فيه معلمة تقوم بضرب وتوبيخ طفلة صغيرة لا يتجاوز عمرها أربع سنوات، وذلك بسبب عدم قدرتها على النطق الصحيح لبعض الحروف والكلمات. الطفلة التي كانت تحاول نطق بعض الحروف غير واضحة، تلقت على إثر ذلك توبيخًا قاسيًا من معلمتها، مما أثار استياء وقلقًا واسعًا في المجتمع.
أظهرت التسجيلات المصورة الطفلة وهي تبكي بشدة، بينما تقوم المعلمة بالصراخ عليها وتعنيفها بسبب صعوبة نطق الحروف بشكل صحيح. وكانت الطفلة في حالة من الارتباك والخوف، الأمر الذي استدعى تدخل العديد من الأهالي والمواطنين لمطالبة الجهات المعنية بضرورة اتخاذ إجراءات صارمة ضد المعلمة والحضانة التي سمحت بتلك التصرفات.
وقد كانت الحضانة التي شهدت هذا الحادث مملوكة لجهات خاصة، وهو ما يطرح تساؤلات عن مدى تأهيل القائمين على العملية التعليمية في هذه المؤسسات الخاصة التي تستقبل الأطفال في سنواتهم الأولى. ففي الوقت الذي تُعتبر فيه هذه المرحلة من العمر هي الأكثر حساسية في تشكيل الوعي اللغوي والعاطفي للطفل، فإن غياب الكوادر المدربة والمختصة قد يؤدي إلى عواقب خطيرة على الأطفال من حيث التأثير النفسي والاجتماعي، بل وقد يهدد التطور الطبيعي لمهاراتهم الأساسية.
اللوم على من وثق الواقعة: تزايد القلق حول المسؤولية
المثير في القضية أن بعض الأفراد قد وجهوا اللوم إلى الشخص الذي قام بتوثيق هذه الواقعة ونشر الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث اعتبر بعضهم أن تصوير الحادثة ونشرها على الملأ كان بمثابة "فضيحة" وتسبب في تشويه سمعة المعلمة والحضانة بشكل أكبر من المسألة ذاتها. وهو ما يثير جدلاً حول مسؤولية نشر مثل هذه المواد: هل يجب أن نلوم من كشف الحادثة وأثار الجدل، أم يجب أن نركز على التصرفات الخاطئة التي تسببت في إيذاء الطفلة في المقام الأول؟
العديد من الأشخاص عبروا عن رأيهم بأن هذا الفيديو يجب أن يكون بمثابة إنذار لجميع المسؤولين عن دور الحضانة والمعلمين بشكل عام بضرورة احترام حقوق الأطفال ومراعاة التطور النفسي والعقلي لهم، واعتبروا أن نشر الفيديو كان خطوة ضرورية لتحفيز الجهات المعنية على التحقيق في الحادثة واتخاذ إجراءات لتقليل مثل هذه الانتهاكات.
ومن ناحية أخرى، هناك من اعتقد أن توثيق هذه الحادثة كان يمثل انتهاكًا لخصوصية المعلمة ولحقها في الدفاع عن نفسها في حال كانت هناك أية مبررات لتصرفها. ولكن في هذا السياق، ينبغي التأكيد على أن حماية الأطفال يجب أن تكون أولوية، ويجب أن تُكفل لهم بيئة آمنة ومستقرة للتعلم والنمو بعيدًا عن أي شكل من أشكال العنف أو الإهانة.
تأثير مثل هذه الحوادث على المجتمع
تثير هذه الواقعة تساؤلات عميقة حول مستوى التعليم في الحضانات الخاصة، ومدى تأهيل المعلمين في هذا القطاع. ففي الوقت الذي يتسابق فيه العديد من الأفراد لفتح مدارس وحضانات خاصة في ظل الطلب المتزايد على هذه الخدمات، يفتقر الكثيرون إلى أدنى مقومات التأهيل النفسي والتربوي التي ينبغي أن يتوفر عليها من يتعاملون مع الأطفال في هذه المرحلة الحرجة.
ويؤكد الخبراء في مجال التعليم أن المرحلة العمرية المبكرة هي الأكثر حساسية في تكوين شخصية الطفل. حيث يُعتبر التفاعل الإيجابي مع الطفل واستخدام أساليب تربوية تتسم بالصبر واللطف أساسًا في تطوير مهاراته اللغوية والاجتماعية. وإذا ما تعرض الطفل في هذه المرحلة لمعاملة قاسية أو عنيفة، فإن ذلك قد يؤثر بشكل سلبي على شخصيته وتقديره لذاته.
تصالح بين الأطراف: قضية السنطة تنتهي باتفاق
على الرغم من تصاعد الجدل حول الواقعة، فقد انتهت القضية بتصالح بين الأطراف المتنازعة، بعد أن تمت تسوية الأمر بين أهل الطفلة والمدرسة والمعلمة التي خرجت علي ذمة القضية، حيث تنازلت العائلة عن الشكوى، وتم التصالح في محضر رسمي بين كافة الأطراف ورغم ذلك، فإن هذا التصالح لم يكن بمثابة إغلاق القضية بشكل كامل، حيث ظلت الأسئلة قائمة حول مستوى التأهيل المهني للقائمين على تدريس الأطفال في هذه الفئة العمرية.
دعوة إلى ضرورة التأهيل المستمر
تعتبر حادثة طفلة السنطة منبهًا جادًا للجهات المعنية بضرورة العمل على تحسين مستوى التعليم في الحضانات والمراكز الخاصة التي تستقبل الأطفال. من الضروري أن تكون هناك برامج تدريبية مستمرة للمعلمين والمعلمات الذين يتعاملون مع الأطفال في مرحلة الحضانة، لضمان حصول الأطفال على التعليم والتوجيه الصحيح بعيدًا عن العنف أو الإهمال.
تحتاج هذه المؤسسات إلى تكثيف الرقابة على الممارسات التربوية التي تتم داخل جدرانها، وضمان أن البيئة التي يتم فيها تعليم الأطفال هي بيئة آمنة، تتيح لهم النمو بشكل سليم وتساعدهم على تطوير مهاراتهم بطرق إيجابية، بعيدًا عن أي تصرفات تضر بصحتهم النفسية أو الاجتماعية.
فالقضية ليست حضانة السنطة وحدها فكل الآماكن الغير مؤهلة تُخفض وتُدني مستوي تعليم أغلي ما لدينا وبمقابل مادي وهو ما يعني خراب عقلي ومادي