یشهد العالم برمته أحداثاً متلاحقة ومتضاربة في ظل تحولات إجتماعیة، وسیاسیة، واقتصادیة متزاحمة ما أدى الى تعدد أساليب صناعة الخبر ووسائل إنتشارها ، وأحد هذه الوسائل هي السوشيال ميديا ، التي ساعدت الأفراد أن يعيشوا في مجتمع إفتراضي ما أدى إلى تغيير في نمط الحياة اليومية الاجتماعية والتربوية ، وأثَّر تأثيراً مباشرا في تكوين ثقافتهم الإجتماعية عامةً والسياسية على وجه الخصوص.
ومع إرتفاع الأعداد لمستخدمى السوشيال ميديا، أصبح الناس يتسابقون بتبادل ونشر المعلومات والأخبار ، خاصة تلك الأخبار ذات الصلة بالقضايا الراهنة ، هذا السباق في إعادة نشر الأخبار ساهم فى سرعة إنتشار الأخبار الخاطئة والمعلومات المضللة ، حتى باتت الشائعات والأخبار الكاذبة من أخطر الأسلحة التى تهدّد المجتمعات وأمنها القومى، وأدى إعتماد الأفراد على التكنولوجيا والوسائل الرقمية، وتطورت أساليب نشر الأكاذيب ، إلى تعقيد التحديات التى تواجه الحكومات فى مختلف أنحاء العالم ، ومصر ليست إستثناءً من هذا الخطر حيث تواجه خطر الشائعات المتزايدة التى تستهدف إستقرارها الداخلى وأمنها المجتمعى.
هذا التضلیل الإعلامي تعدى تزييف الحقائق وترويج الأكاذيب ، وأصبح سلاحاً في يد الجماعات والتنظيمات الإرهابية ، وأجهزة مخابرات دول معادية ، تسعى لترويج الأفكار الهدامة داخل المجتمع المصري ، عبر عمليات واسعة، منظمة وممنهجة ، تعتمد على تلك التقنيات والوسائل ، لإحداث التغيرات المطلوبة ، والتأثیر على الثقافة والوعى المجتمعى، وصولاً لبناء رأي عام مناهض لأهداف وانجازات تسعى اليها الدولة المصرية.
ولعل التركيز على مفهوم السلام الاجتماعي يعد أهم أساسيات الأمن القومي ، فإن الشائعات التي يتم صناعتها خلال الفترة الأخيرة ، من قبل اللجان الالكترونية ، ومنصَّات جماعة الإخوان الإرهابية ، وجهات ذات أهداف معادية ، ويتم بثها عبر وسائل التواصل ، ويتناقلها رواد تلك الشبكات ، والتي من شأنها التشكيك في الدولة وتشويه إنجازاتها ، أصبحت أكثر تعقيداً وإنتشاراً مما زاد من صعوبة السيطرة عليها ، خاصة وأن مروجي الشائعات أصبحوا أكثر إبتكاراً بإستخدام الذكاء الإصطناعي.
لذلك وحفاظا على السلام الإجتماعي والأمن القومي ، يجب فرض عقوبات مشدّدة على كل من يثبت تورطه فى ترويج شائعات عبر السوشيال ميديا ، ومتابعة الصفحات بشكل مستمر ، بل يجب وضع قانون يجرِّم نشر أو تناقل الأخبار الكاذبة ، التي من شأنها الإضرار بالأمن القومي ، دون تحري صحة تلك الأخبار ، ولو أنه تم تجريم شخص واحد ، والحكم عليه بالسجن ونشر الحكم لكان رادعاً لكل من يستسهل النشر ، ويساهم في ترويج الشائعات والفتن.