قبل ظهور عصر الانترنت و اللهاث وراء الترافيك و الصراع على جذب الجمهور كان هناك نوع من الصحافة التي عرفها العالم كله ، و كانت صحافة تهتم بالفضائح و تجري وراء الأخبار الشاذة و اخبار غرف النوم ،بل و تصنعها في كثير من الاحيان. و عرف هذا النوع باسم الصحافة الصفراء
و كانت كلمة الصحافة الصفراء بمثابة سبة او شتيمة بين الصحف و العاملين بها
و رغم ذلك كانت الصحافة الجادة و المهنية هي الوازنة في المجال حيث تجتذب قراءها بالمهنية و معالجة قضايا مجتمعاتها في مناخ من الحرية المعقولة
و مع تراجع الصحافة الورقية مع دخول عصر الانترنت انتقل السباق بين المواقع الى فضاء الشبكة العنكبوتية سعيا وراء تحقيق أكبر عدد من المشاهدات او القراءات فيما يسمي بالترند و ركوب الترند
و في إطار معركة التريند تتعرض مهنة الصحافة للتدهور الشديد يوما بعد يوم
وفي ظل حالة من اللهاث وراء التافه من الأخبار و تصديرها لتصبح التريند اليومي للمتابعين، أصبحت قضايا المجتمع الرئيسية و معاركه في آخر اهتمامات الصحافة لتحل محلها القضايا المثيرة أو التي تقوم على النبش في حياة الناس الخاصة ، و تضخيم الصغير و تصغير الكبير
و ربما تتحقق بعض الأهداف الصغيرة و قصيرة الأجل للمواقع من وراء ركوب الترند من وراء اخبار بعنوان
"شاهد رد فعل زوجة فلان اثناء دفن زوحها"
او " انهيار ابنة علان اثناء رؤية جثة ابيها"
أو "لحظة انهيار أم بعد مقتل ابنتها"
او ... ....... ....
و هكذا من تلك العناوين التي قد يتابعها المتابع ثم يحنق على من نشرها او مررها اليه و هو يتسأل عن جدواها او عن تناحة من امتلك جرأة الهجوم على اسرة تنتحب ليصورهم في لحظة حزن و انهيار
و من المؤكد انه بضياع اثر سكرة النشر و التريند تحضر الفكرة التي عنوانها انهيار و ضياع المهنة في أرجل تلك القضايا الخاسرة
قد بظن البعض أن تيرندا سوف ينسي أثر تيرند، لكنه ظن خاطىء لأن نهاية معركة التريند ستكون نهاية المهنة و انهيارها التام و تحول ممتهنيها من أفراد ضمن نخبة المجتمع إلى هاموش بلا قيمة تُذكر
و تحولهم من اصحاب مهن يفترض فيهم الانتصار للحق و تنوير المجتمع و تشكيل وعيه إلى خصوم مهمتهم تغييب الوعي و تضييع الحقوق و تدمير ما تبقى من أسس في المجتمع
اتقوا الله في مهنتكم و في أنفسكم و في وطنكم و أدركوا أنفسكم فالطوفان قادم