تضيع القضايا الكبرى للأمة بين مزايدات ومكايدات رخيصة و محاولات عبثية لاستخراج نكات مضحكة من قلب أحداث ملتهبة و مؤلمة لأقصى حد..
و رغم أن الامة تواجه خصما يحدد أهدافه جيدا و يضع الخطط المحكمة لتنفيذها، و لا ييأس أبدا مهما طال به الزمن، إلا أن الجميع ينشغل عن ذلك و بعضه يهتم بالبعض الأخر و النيل منه و الحط من شأنه و تحريض العدو الأكبر عليه و هكذا دون أن نستفيد من درس واحد او تجربة واحدة
و تعلمنا التجارب التي بلا حصر أن العدو يظل يناور ،بلا يأس، حول الهدف كالذئب حتى تحين لحظة مناسبة فينقض على الفريسة و هي تلهو مستمتعة بالنكات السياسية، أو ربما تكون منشغلة بقتال جانبي مع فريسة أخرى..
و في كل تاريخ أمتنا العربية، إلا ما ندر ، اللحظات التي تستوجب اصطفافا و وحدة، تجدها أكثر الأوقات مناسبة للصراعات البينية و المعارك العبثية ، بل و التطوع في الحروب التي يشنها الأعداء على حلفاءنا..
و من أسف أن معظمنا يقدم خلافاته مع بعضنا على صراعه الاوجب مع الأعداء
و تقدم بعض دولنا العربية وأنظمة الحكم فيها صراعتها مع بعضها على الصراع الأكبر و الأوسع مع العدو .. ذلك العدو الذي يسعى لإزالة الجميع من طريقه أو على الأقل إخضاعهم لمشروعه و خدمة مصالحه.
و الأمر لا يحتاج لإثبات و التاريخ القريب يشهد على حجم الإنفاق العربي لتدمير و إزالة دول عريقة من على الخريطة ارضاءا لنزق بعض الحكام و تأكيدا لدورهم في معارك العدو الذي يعملون تحت رايته و يخوضون معاركه..
و إذا انتقلنا إلى الأفراد ، أو إن شئت بعض النخب، ستجدها على نفس الدرجة من البؤس الفكري وسوء التصرف و القرار، و ستجد أن انشغالهم بذواتهم و ثاراتهم يفوق ما عداه من أمور.. وتتأكد أن هذه الأمة نُكتب مرتين، مرة في النخب المهلهلة و الثانية في أنظمة لا ترى الكارثة إلا بعد أن تذوق مرارة نتائجها ..
و لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم