رئيس مجلس الإدارة
شريف عبد الغني
رئيس التحرير
ناصر أبو طاحون
رئيس التحرير التنفيذى
محمد عز
الأخبار العاجلة :
  1. الرئيسية
  2. وجهات نظر

الشيخ أبو بكر الجندي يكتب عن: العطور وتأثيرها النفسي

النفس بفطرتها تحب الرائحة الطيبة وتعشق العطور الزكية، فهي تريح النفوس وتجذب القلوب وتشرح الصدور، ثم جاءت شرائع الإسلام متسقة مع هذه الفطرة ومتماشية مع هذه الجِبلة، فيقول رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم: "حُبِّب إليَّ من دنياكم: النساء والطيب"، فالرائحة الطيبة رمز للصفاء الروحي والجمال الباطني فالقلوب الطيبة تنثر عطرًا طيبًا، وأخلاقاً حسنةً، وبلغ من حبِّه صلى الله عليه وسلم للطِّيب أنه كان يقبل الطيب ولا يرده، بل نهى عن رده، فقال: "لا تردوا الطيب؛ فإنه ‌طيب ‌الريح، ‌خفيف ‌المحمل".
كما حث صلى الله عليه وسلم على التطيب في الجمع والجماعات والأعياد والأفراح والمناسبات، فقال: "مَن جاء إلى الجمعة فليغتسل، وليتسوك، وليمس من طيب أهله إن وجد"؛ لأن استعمال الطيب في هذه المناسبات يُريح النفوس ويعكس فرحة المتعطر واحتفائه بالمناسبة.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم أطيب الناس مجلساَ وملمساً وطِيباً وعطراً، قال أنس:"ما مَسَّت يدي ديباجاً ولا حريراً ولا شيئاً ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شممتُ رائحة قط أطيب من ريحه"، وقال أنس أيضاً: دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم فقال عندنا، فعَرَق (النبي)، وجاءت أمي بقارورة فجعلت تسلتُ العرقَ فيها" فكانوا يتطيبون ويتعطرون ويتبركون بالعرق المحمدي الشريف، فكان من أطيب الناس ريحًا من غير ِطيب، وإن تطيب يُشم طيبه من بعيد، ويلمس أثره من قريب.
أما عن طيب أهل الجنة، فقد أخبر الشرع أن ريحها يوجد من مسيرة أربعين سنة، وسبعين سنة، ومئة سنة، وخمس مئة سنة، وكل ذلك جاءت به الأحاديث، فمَن الذي طيبها مَن الذي عطرها مَن الذي جملها مَن الذي حسنها مَن الذي زينها؟ إنه الله تبارك وتعالى.
وأول ما يُدرَك من الجنة طِيبها، وأول مرة يَشُمُّ المؤمنُ عطرها عند الموت وخروج الروح، حينما تناديه ملائكة الرحمة: "يا أيتها النفس المطمئنة، اخرجي طيبة حميدة، وأبشري بروح وريحان ورب غير غضبان".
وفي القبر ينادي المؤمن مناد في السماء: أن صدق عبدي، فأفرشوه من الجنة، وألبسوه من الجنة، وافتحوا له بابا إلى الجنة، فيأتيه من روحها، وطيبها، ويفسح له في قبره مد بصره، وفي الجنة يقول الله تعالى: {فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ (88) فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ} الواقعة: 88 - 89].
أما عن طعام أهل الجنة قَالَ صلى الله عليه وسلم:" يأكل ‌أهل ‌الجنة ‌فيها ‌ويشربون، ‌ولا ‌يتغوطون ‌ولا ‌يمتخطون ‌ولا ‌يبولون ‌ولكن ‌طعامهم ‌ذاك ‌جشاء ‌كرشح ‌المسك"فلا حاجة حينئذٍ للخلاء.
وعن طيب شراب الجنة يقول الله تعالى: {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ (22) عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ (23) تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ (24) يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ (25) خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}[المطففين: 22 - 26]، قال أبي الدرداء: "شراب أبيض مثل الفضة، يختمون به شرابهم. ولو أن رجلا من أهل الدنيا أدخل ‌أُصْبُعَهُ فيه ثم أخرجها لم يبق ذو روح إلا وجد طيبها".
وعن عطر نساء الجنة يقول صلى الله عليه وسلم: "ولو أن امرأة من أهل الجنة اطلعت إلى أهل الأرض لأضاءت ما بينهما، ولملأته ريحاً، ولنصيفها على رأسها خيرٌ من الدنيا وما فيها".
وعن طيب مساكن الجنة يقول صلى الله عليه وسلم: "وبنَاؤُهَا: لَبنَةٌ مِنْ فِضَّةٍ وَلَبنَةٌ مِنْ ذهَبٍ وَمِلاَطُهَا المِسْكُ الأَذفَرُ" أي الخالص، ومهما وصفت لنا فلن نبلغ حقيقتها إلا أن ندخلها فنملأ أنوفنا منها وصدورنا من ريحها.