في السنوات الأخيرة بدأت نظرتنا لصحة الرياضي تتغير بشكل جذري.. لم يعد تقييم الأداء يعتمد فقط على نبض القلب، أو اختبار VO₂max، أو القوة العضلية… بل ظهر لاعب خفي لم يكن أحد يتوقع أن يكون بهذه الأهمية هو ميكروبيوم الأمعاء
وهو مجتمع ضخم من البكتيريا النافعة التي تعيش داخل الجهاز الهضمي، وتؤثر على الجسم بدرجة أكبر مما تخيل العلماء قبل سنوات قليلة فقط.
إن صحة الأمعاء لم تعد موضوعًا طبيًا فقط، بل أصبحت عنصرًا أساسيًا في فسيولوجيا الرياضة الحديثة
اليوم تشير الأبحاث الحديثة في 2024– 2025م إلى أنّ صحة الأمعاء قد تكون واحدة من أهم أسرار الأداء الرياضي العالي، وأن الرياضي الذي يمتلك “ميكروبيوم متوازن وقوي” يتمتع بقدرة أفضل على التحمل، التعافي، والاستجابة التدريبية.
الأبحاث الجديدة تؤكد أن الرياضي الذي يهتم بميكروبيومه مثل اهتمامه بعضلاته سيحصل على: طاقة أفضل ، تعافي أسرع ، أداء أعلى ، مناعة أقوى ، وتحمل أكبر للجهد.
ما هو ميكروبيوم الأمعاء؟ ولماذا يهم الرياضيين؟
ميكروبيوم الأمعاء هو مجموعة هائلة من البكتيريا النافعة التي تعيش داخل الجهاز الهضمي.
هذه البكتيريا: تحلل الطعام ، تنتج فيتامينات ، تنظم المناعة وتشارك في عمليات الأيض والطاقة ، و الجديد والهام هو أن هذه البكتيريا لا تؤثر فقط على الهضم، بل لها تأثير مباشر على الأداء البدني واللياقة.
ماذا تقول الأبحاث الحديثة (2025)؟
في مراجعة بحثية موسعة نُشرت عام 2025 بعنوان:
“The Performance Gut: A Key to Optimizing Performance in High-Level Athletes”
وجد الباحثون أن ميكروبيوم الأمعاء له تأثيرات قوية على 5 جوانب حاسمة في أداء الرياضي:
1- امتصاص الطاقة
كلما كان الميكروبيوم متوازنًا، زادت قدرة الرياضي على استخراج الطاقة من الغذاء بكفاءة عالية.
2- تقليل الالتهابات
الميكروبيوم الصحي يقلل من الالتهاب الذي يسبّب الإجهاد، الألم العضلي، وإبطاء التعافي.
3- قوة المناعة
الرياضيون ذوو ميكروبيوم قوي يتعرضون لعدد أقل من نزلات البرد ومشكلات الجهاز الهضمي خلال الموسم.
4- تحسين التعافي
البكتيريا النافعة تساعد في إنتاج أحماض قصيرة السلسلة تقلّل الإجهاد التأكسدي وتسرّع تعافي العضلات.
5- زيادة القدرة على تحمّل التدريب المكثف
وجدت الدراسة أن الرياضيين ذوي ميكروبيوم متنوع يحققون أداءً أفضل في اختبارات التحمل مقارنة بغيرهم.
الأكثر من ذلك: التمرين نفسه يساعد في تحسين الميكروبيوم، خصوصًا تمارين التحمل.
لماذا يعتبر هذا اكتشافًا ثوريًا؟
لأن تركيز فسيولوجيا الرياضة كان لعقود طويلة منصبًا على: القلب ، الرئتين ، العضلات ، الجهاز العصبي ، التغذية التقليدية .
لكن الآن نعرف أن “مصنع الأداء الحقيقي” قد يكون في الأمعاء، حيث يبدأ إنتاج الطاقة، وتنظيم المناعة، وتحديد قدرة الجسم على تحمّل الحمل التدريبي.
هذا يفتح الباب أمام طرق جديدة لتحسين الأداء، لا تعتمد فقط على التدريب، بل على تعزيز “الصحة الداخلية” للرياضي.
كيف يحافظ الرياضي على ميكروبيوم صحي؟ وفقًا للأبحاث المنشورة في 2024–2025:
يجب تناول ألياف غذائية يوميًا .
ادخال الأغذية المخمّرة (مثل الزبادي ).
تقليل السكريات والوجبات المصنعة.
تناول البروتينات عالية الجودة.
شرب الماء بانتظام.
الحفاظ على نوم جيد.
أ.د/ رانيا غريب ..أستاذ فسيولوجيا الرياضة جامعة الزقازيق