أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلا جديدا تناول من خلاله التقنيات الرقمية، -خاصة الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين وإنترنت الأشياء- ودورها في تعزيز استدامة وكفاءة سلاسل التوريد وحوكمتها.
وأشار إلى أن الحديث عن كفاءة سلاسل التوريد واستدامتها بات ضمن أهم الملفات المطروحة على الساحة العالمية، نظرا لأهميته القصوى للأمن الاقتصادي، ومن ثم الأمن القومي، وقد تصاعد الاهتمام بهذا المفهوم مدفوعا بالعديد من الأزمات العالمية الاقتصادية والجيوسياسية التي نجمت عنها تداعيات غير مسبوقة على سلاسل التوريد، وهو الأمر الذي أكد الحاجة الملحة لجعل سلاسل التوريد أكثر كفاءة ومرونة واستدامة من خلال توظيف التقنيات الرقمية، حيث إن سلاسل التوريد الرقمية أكثر تكيفا وقدرة على التعامل مع الأزمات والتغيرات في البيئة المحيطة.
ولفت إلى أنه يمكن لتقنيات مثل الذكاء الاصطناعي (AI) و"البلوك تشين" (Blockchain) وإنترنت الأشياء (IoT) أن تعمل على تحسين كفاءة سلاسل التوريد ومرونتها، كما تتمتع تلك التقنيات بالقدرة على تعزيز الشفافية والتكامل بين الأهداف الثلاثية للشركات (الاقتصادية - الاجتماعية - البيئية) في سلاسل التوريد بأكملها، وهو ما يجعل الرقمنة أداة قوية لتحقيق المرونة والاستدامة في سلاسل التوريد.
وأوضح المركز أن كفاءة سلسلة التوريد تشير إلى المدى الذي يتم فيه استخدام أقل قدر من الموارد والمدخلات لتلبية احتياجات العملاء، ويشمل ذلك تحسين جوانب مختلفة من العمليات المرتبطة بسلسلة التوريد، بما في ذلك المشتريات والإنتاج والتخزين والتوزيع وتدفق المعلومات، لتحقيق أقصى قيمة ممكنة من المنتجات والخدمات بأقل تكلفة ووقت ممكن.
وأشار المركز إلى إنه لجعل سلسلة التوريد أكثر كفاءة، فإن التركيز ينصب حول كيفية تقليل النفايات وزيادة سرعة التشغيل وخفض التكاليف، وهو ما يتطلب تحسينا مستمرا في سلسلة التوريد من خلال أدوات مختلفة، يأتي في مقدمتها الاعتماد على التكنولوجيا المتقدمة، ومن شأن تحسين كفاءة سلاسل التوريد أن يجلب فوائد كبيرة للشركات، تتعلق بالقيمة المضافة، وخلق الكفاءة، وتعزيز رضا العملاء، وتنعكس هذه الفوائد في زيادة المخزون، وتقصير دورات تطوير المنتج، وقد يؤدي تحسين كفاءة سلسلة التوريد أيضا إلى زيادة حجم الإنتاج، مما يساعد الشركات على تحقيق وفورات الحجم، علاوة على ذلك، فإن تعزيز كفاءة سلسلة التوريد يساهم في تحقيق أهداف الشركات المتعلقة بالاستدامة البيئية.
وأوضح التحليل أنه على نطاق أوسع يمكن أن تؤدي التحسينات في كفاءة سلسلة التوريد إلى تعزيز التجارة الخارجية، وتوفير فرص العمل، وربما تحقيق عائدات ضريبية أكبر.
وباختصار، يعد تحسين كفاءة سلسلة التوريد عاملا رئيسا للنمو المستدام للشركات، ليس فقط من خلال تحسين الأداء المالي للمؤسسات، بل أيضا من خلال توليد تأثيرات إيجابية في السياق البيئي والاقتصادي الأوسع.
وأفاد التحليل إنه مع التطور المتعمق للتقنيات المتطورة، مثل الذكاء الاصطناعي والبلوك تشين والبيانات الضخمة والحوسبة السحابية، أصبحت هذه التقنيات بشكل متزايد تمثل جوهر التخطيط الاستراتيجي للشركات، فعلى سبيل المثال فإن شركة "أمازون" (Amazon) تحافظ على نتائج أداء عالية باستمرار، حيث تستثمر نحو 12% من إيراداتها في التكنولوجيا، كما تسعى شركة "أمازون" إلى إدخال القدرات الرقمية الجديدة في عملياتها رغم ما قد يصاحبها من مخاطر.
ونتيجة لذلك فإن 40% من إيراداتها يتم الحصول عليها من خلال الخدمات الرقمية، فمن خلال الجمع بين نماذج الأعمال المختلفة داخل منصة رقمية، تحافظ "أمازون" على قدرة تشغيلية تعادل أو تتفوق على الشركات العملاقة في مجال التجزئة التقليدية مثل "وول مارت" (Walmart) و"تارجت" (Target).
ونوه بأنه بفضل التحول الرقمي، لم تعد حوكمة الشركات عبارة عن مجموعة ثابتة من القواعد واللوائح، بل أصبحت نظام إدارة ديناميكيا مدفوعا بالبيانات يمكنه التكيف بسرعة مع التغيرات البيئية، ودعم التحسين المستمر والابتكار التجاري، وبالتالي فإن التحول الرقمي هو حافز رئيسي في تعزيز حوكمة الشركات الحديثة، حيث يوفر الأدوات والقدرات اللازمة للمؤسسات للحفاظ على عملياتها وأنشطتها في البيئة الاقتصادية العالمية المعقدة والمتقلبة، فعلى سبيل المثال، يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل اتجاهات السوق وسلوك المستهلك لتوجيه القرارات الاستراتيجية.
وأشار مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار إلى أن تطوير الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء قد عزز بشكل كبير ظهور الثورة الصناعية الرابعة، ويرتبط الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء ارتباطا وثيقا ببعضهما، ويمكن من خلال استخدامهما تعزيز وتطوير سلاسل التوريد، خاصة فيما يتعلق بإدارة تلك السلاسل، حيث يساعد إدخال التقنيات الرقمية في إحداث تغيير كبير في عملية إدارة سلاسل التوريد، إذ يمكن لتلك التقنيات تجميع وتحليل كميات كبيرة من البيانات ثم استخدامها لاتخاذ قرارات مستنيرة. كما تساعد التقنيات الرقمية على تحسين الاتصال والتعاون بين جميع أصحاب المصلحة من خلال مشاركة المعلومات بشكل أكثر دقة وفي وقت قياسي.
وأكد مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في تحليله أن شركة "ماكينزي" (McKinsey) قد أجرت عام 2022 مسحا شمل 150 من المديرين التنفيذيين لكبرى الشركات، أوضح أهمية الذكاء الاصطناعي في تخطيط وإدارة سلاسل التوريد، وأظهرت نتائج المسح أن استخدام الذكاء الاصطناعي في سلاسل التوريد يساعد في خفض تكاليف الخدمات اللوجستية بنسبة 15%، وتحسين مستويات المخزون بنسبة 35%، وتعزيز مستويات الخدمات بنسبة 65%. وقد يكون تبني أدوات الذكاء الاصطناعي لإدارة عمليات التصنيع مكلفا، ولكن 70% من المديرين التنفيذيين اتفقوا على أن الاستثمار في الذكاء الاصطناعي يحقق عائدا قويا.
وأشار التحليل إلى أن نشر تقنية البلوك تشين في سلاسل التوريد يوفر فرصا لموظفي إدارة سلاسل التوريد، كما تلعب تقنية البلوك تشين أيضا دورا مفيدا للغاية لجعل عمليات سلاسل التوريد مستدامة، حيث تمكن من مراقبة أداء الاستدامة لتقييم الموردين، فعلى سبيل المثال، يمكن عبر تلك التقنية تتبع أنشطة التعبئة والتغليف، وبالتالي مراقبة التأثيرات البيئية المرتبطة بتلك الأنشطة.
وأوضح التحليل في ختامه إن عملية الرقمنة تعد ضرورة لتطوير الشركات والمؤسسات لعملياتها وليس فقط لسلاسل التوريد الخاصة بها.