رئيس مجلس الإدارة
شريف عبد الغني
رئيس التحرير
ناصر أبو طاحون
المشرف العام على التحرير
محمود الشاذلى
رئيس التحرير التنفيذى
محمد عز
  1. الرئيسية
  2. محافظات

عالم أزهري :الإبتلاء من سنن الله في الكون لحكمة بالغة والرضا والصبر طريق السعادة.. 


أكد فضيلة الأستاذ الدكتور حمدي أحمد سعد عميد كلية الشريعة والقانون بطنطا عضو خريجي الأزهر بالغربية في تصريحات "لخريجي الأزهر" أن الابتلاء من سنن الله تعالى في كونه لحكم بالغة يريدها رب العالمين سبحانه وتعالى ومن هذه الحكم : 
 بيان صدق الصادق في إيمانه وكذب الكاذب ، قال تعالى : (الم ۝ أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ ۝ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ )، الآيات 1-3 من سورة العنكبوت، أي كما يقول بعض المفسرين لا يبتلون في أموالهم وأنفسهم ، حيث يتبين من البلاء من يثبت على عبادته لله تعالى في سرائه وضرائه ومن ينقلب على وجهه لأن المؤمن يعلم جيدا ما هو مطلوب منه في السراء والضراء وأن ما يأتيه من خير أو شر هو خيرله.

 ففي الحديث عن صُهَيْبِ بْنِ سِنَانٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: (عَجَبًا لأمْرِ الْمُؤْمِنِ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ لَهُ خَيْرٌ، وَلَيْسَ ذَلِكَ لأِحَدٍ إِلاَّ للْمُؤْمِن: إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خيْرًا لَهُ) . رواه مسلم

ويضيف فضيلته ومن هذه الحكم هي التمييز بين الخبيثَ والطيب ، قال تعالى : ﴿ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ ﴾ آل عمران: 179 ، فبالإبتلاء يتبين من يظل على حقيقة إيمانه ممن هو في شك وريب ، قال الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى : (الناس ما داموا في عافية مستورون، فإذا نزل بهم بلاءٌ صاروا إلى حقائقهم ، فصار المؤمن إلى إيمانه ، وصار المنافق إلى نفاقه).

واشار الي الحكمة الثالثه.. وهي أن في الإبتلاء تكفير لسيئات المؤمن ورفع لدرجاته عَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ شَوْكَةٍ فَمَا فَوْقَهَا، إِلا رَفَعَهُ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً، أَوْ حَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً) ، رواه مسلم ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما يزال البلاءُ بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله ، حتى يَلقى الله وما عليه خطيئة) ، رواه الترمذي، فيزداد المؤمن قربة من ربه عند سرائه بتوجهه بالشكر لله تعالى فيحبه الله تعالى بهذا الشكر لأن الله يحب الشاكرين ، ويزيدهم من نعمه ، قال تعالى : ﴿ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ﴾إبراهيم: 7، و يزداد المؤمن قربة من ربه عز وجل بصبره على الضراء بحصوله على أجر الصبر.. كما قال تعالى: ﴿ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ البقرة: (155 - 157) ، 

وفى الحكمة الرابعة.. يأتي الرجوع إلى الله تعالى بالتوبة النصوح والعمل الخالص الصادق والدعاء حتى يرفع البلاء ، قال تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ۗ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ۖ وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ ) الأنبياء (35) ، وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (21) ، وقال تعالى: وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ، (الأعراف:168) ، وقال عز وجل: (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) (الروم:41) .

وقال تعالى: وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّكُمْ يَتَضَرَّعُونَ(42) فَلَوْلا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(43) (الأنعام:42-43)، واضاف هذا الي جانب من حكم ابتلاء الله تعالى لخلقه ، والتي تبين أن الله تعالى لطيف خبير وأن كل شئ بقضائه وقدره ويجب على العباد الإيمان بذلك والرضا به حتى تصح علاقتهم بربهم سبحانه وتعالى.

 ولا يظن ظان أن الابتلاء غضب أو عقوبة محضة من الله تعالى ؛ فقد يكون رحمة بهم يكفر به خطاياهم ويحط به عنهم أوزاراهم وهذا ما ورد عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ففي "صحيح مسلم" من حديث جابر رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على أم السائب - أو أم المسيب - فقال: (ما لك يا أم السائب - أو أم المسيب - تزفزفين؟!)، قالت: الحمى، لا بارك الله فيها، فقال: (لا تسبي الحمى؛ فإنها تذهب خطايا بني آدم، كما يذهب الكير خبث الحديد)وفي رواية عند ابن ماجه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تسبي الحمى؛ فإنها تنفي الذنوب كما تنفي النار خبث الحديد)؛ (صحيح الجامع: 7322)

وفي ظل المحنة يجب علينا أن نتذكر ان فرج الله قريب ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" سألت ربي عزَّ وجلَّ ثلاث خصال، فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة، سألت ربي أن لا يهلكنا بما أهلك به الأمم فأعطانيها ، فسألت ربي عزَّ وجلَّ أن لا يظهر علينا عدواً من غيرنا فأعطانيها، فسألت ربي أن لا يلبسنا شيعاً فمنعنيها " الحديث رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، والنسائي واللفظ له، ورواه مسلم من حديث ثوبان رضي الله عنه وفي رواية أخرى “سَأَلْتُ رَبِّي ثَلَاثاً, فَأَعْطَانِي ثِنْتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً, سَأَلْتُ رَبِّي أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالسَّنَةِ فَأَعْطَانِيهَا, وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالْغَرَقِ فَأَعْطَانِيهَا, وَسَأَلْتُهُ أَنْ لَا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ فَمَنَعَنِيهَا“(رواه الإمام مسلم عن عَامِر بْن سَعْدٍ -رَضِيَ اللهُ عنهُ-).

ومن ثم وجب علينا اتباع ما أمرنا به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في مثل هذه المحن من وجوب التعاون بين الناس والحرص على مصلحة الجميع والبعد عن الأنانية وحب الذات قال تعالى : (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) (سورة المائدة من الآية رقم (2)) ، وقال صلى الله عليه وسلم " مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ، وَتَرَاحُمِهِمْ، كَمَثَلِ الْجَسَدِ الْوَاحِدِ، إِذَا اشْتَكَى عُضْوٌ مِنْهُ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْأَعْضَاءِ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ )، أسأل الله تعالى أن يحفظنا ويحفظ بلادنا من كل مكروه وسوء .