رئيس مجلس الإدارة
شريف عبد الغني
رئيس التحرير
ناصر أبو طاحون
المشرف العام على التحرير
محمود الشاذلى
رئيس التحرير التنفيذى
محمد عز
  1. الرئيسية
  2. وجهات نظر

الشيخ أبو بكر الجندي يكتب عن: الجينات العسكرية عند المصريين

أتى على الهنود الحمر مُحْتَل واحد فقط فأباد خضراءهم ولم يبق منهم أثراً, أما مصر فلقد احتلها أكثر من أربعين غاز ومُحْتَل بحسب قول عالم التاريخ والمصريات د/ وسيم السيسي, والعجيب أن مصر بقيت وزال أعداؤها من خريطة العالم تماماً كالهكسوس والتتار والمغول، ويرجع ذلك إلى نوعين من الجينات المركوزة والمحفورة في نفوس المصريين: جين الوحدة والاجتماع, والجين العسكري, وهما كالتالي:
1ـ جينات الوحدة والاجتماع والذي فرضه على المصريين طبيعة نهر النيل والذي يحتاج إلى تكاتف وتعاون؛ للإفادة من خيراته في الزراعة والفلاحة والصيد, ولتفادي خطر الفيضانات ببناء السدود والقناطر, كذلك موقع مصر الاستراتيجي  بقلب العالم والرابط بين قراته، كذلك شواطئها الطويلة والممتدة على ساحلي البحر المتوسط والبحر الأحمر مما جعلها  دوما مطمعاً للمحتلين والمستعمرين, وهذا بدوره جمع المصرين مرة ثانية على قلب رجل واحد؛ لطرد المحتل ونبذ الغازي.
وبعد أحداث 25 يناير والفوضى العابرة التي عمت البلاد استطاع المصريون أن يتحدوا ويجتمعوا ويسترجعوا الأمن بعد 14 يوم, في حين أن الثورة الفرنسية لم تستطع أن توحد الشعب الفرنسي إلا بعد 14 سنة من الفوضى . 
ولقد انتصر المصريون في حرب 6 أكتوبر بسلاح من مخلفات الحرب العالمية الثانية بسبب الوحدة والاجتماع فالمصريون كلهم بقادتهم وجيشهم وشرطتهم ورجالهم ونسائهم وأطفالهم وأزهرهم وكنيستهم كانوا جميعاً على هدف واحد وهو طرد العدو المحتل من أرض سيناء فتحقق النصر بهذه الوحدة. 
2ـ الجينات العسكرية المغروسة في فطرة المصريين رجالا ونساء عسكريين ومدنيين: وهو حب الأرض والوطن, وبذل المال والنفس في سبيل الحفاظ على ترابه، حتى صار عندهم مثلاً (الأرض عِرض) أي الأرض عندنا بمثابة العِرض تبذل فيهما النفس والروح، فكيف إذا انتهك أحد عٍرضا لنا.
ثم جاء الإسلام متسقا مع هذه الفطرة، ومؤكدا على الجين العسكري في النفوس، وأثار الشرع حمية الدفاع عن الأوطان في نفوس الأحرار حتى الموت، من خلال منحهم وسام الشهداء، كما في الحديث: "من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد".
ونذكر أعداؤنا بمعركة المنصورة الجوية، حيث شنت إسرائيل غارة جوية كبيرة الحجم على دلتا مصر، وتتكون من 120 طائرة مقاتلة للعدو مقابل 62 طائرة حربية مصرية، واستمرت المعركة 53 دقيقة في سماء المنصورة، لتسجل كأطول وأعنف وأشرس معركة جوية في التاريخ العسكري الحديث، ورغم التفوق العددي والنوعي لطيران العدو، إلا أن حجم الخسائر بين صفوفهم وصل إلى 17 طائرة إسرائيلية، بينما خسرت مصر خمس طائرات، اثنتان منها بسبب نفاد الوقود.
وفي 2017م كان الهجوم الإرهابي العنيف بأكثر من 150 عنصرًا إرهابيًا على كمين البَرْث وبه 26 فرد مقاتل، استشهدوا جميعاً إلا ثلاثة مصابين منهم يحكون قصة هؤلاء الأبطال الذين أقاموا ملحمة بطولية في معركة استمرت قرابة 4 ساعات، تمكنوا من قتل 40 إرهابيًا, وأفشلوا رفع علم التنظيمات الإرهابية أعلى نقطة الارتكاز الأمني، أو تصوير جثامين الشهداء أو التمثيل بها.
وما عرف التاريخ نزوحا للمصريين عن أرضهم وبلادهم لا برضاهم ولا بإكراههم على ذلك؛ لارتباطهم العميق بأرضهم, وإنما هي أسفار فردية ومؤقتة هنا أو هناك مع الحنين دوما لمصر والتشوق لأرضها ونيلها.