رئيس مجلس الإدارة
شريف عبد الغني
رئيس التحرير
ناصر أبو طاحون
المشرف العام على التحرير
محمود الشاذلى
رئيس التحرير التنفيذى
محمد عز
  1. الرئيسية
  2. وجهات نظر

الدكتور محمد سيد أحمد يكتب: الجنوب السوري البديل المحتمل !!

لقد تحدثت مبكراً وفي أعقاب الاجتياح الصهيوني للجنوب السوري في نفس اللحظة التي سقط فيها النظام بطريقة دراماتيكية غريبة وعجيبة أن عملية تقسيم سورية وفقاً لمشروع الشرق الأوسط الكبير أو الجديد والذي رسم ملامحه وخرائطه قبل ما يزيد عن أربعة عقود المفكر اليهودي البريطاني الأصل الصهيوني العقيدة برنارد لويس، سوف يتعدل قليلاً فلن تكون كما خطط لويس أربعة دويلات واحدة درزية في الجنوب، وأخرى سنية في الوسط حول دمشق، وثالثة علوية في الساحل، ورابعة سنية في الشمال حول حلب، وأكدت في حينه أن أهم تغير سوف يكون في الجنوب حيث تعني سيطرة العدو الصهيوني بهذا الشكل أنه ينوي إقامة دويلة فلسطينية بديلة لسكان قطاع غزة والضفة الغربية، خاصة في ظل صلابة الموقف المصري والأردني الرافض على المستويين الرسمي والشعبي قبول توطين الفلسطينيين على أراضيهما وهو الموقف الذي لم يكن قد ظهر بعد، وحين ذكرت ذلك لم يكن قد طرح بعد وبوقاحة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فكرته حول التهجير والتوطين القسري لسكان غزة والضفة على كل من مصر والأردن، ولم يكن قد عاد ليطرح فكرته مجدداً ويصر عليها ضاغطاً ومهدداً وكأنه الواثق من عملية التنفيذ، ولم يكن قد خرج بعد بتخريفته الجديدة هو ورئيس وزراء العدو الصهيوني بنيامين نتنياهو بأن المملكة العربية السعودية تمتلك أراضي شاسعة وعليها أن تقبل بإقامة وطن بديل لسكان غزة والضفة على أراضيها.

وبالطبع كل ما يدور الآن هو مخطط له ومدبر ويلعب فيه الجنرال إعلام دوراً مركزياً لكي يقبل العقل الجمعي العربي والعالمي هذه الفكرة اللامعقولة، فالإلحاح المستمر في طرح فكرة التهجير والتوطين القسري لسكان غزة والضفة الهدف منها أن يستسيغها العقل الجمعي مع الوقت بحيث لا تصبح مستهجنة، فإذا كانت الفكرة مستهجنة وغير مقبولة في حالة مصر والأردن والسعودية، فإنها مع الوقت قد تكون مقبولة في حالة سورية التي تمر بظرف استثنائي، حيث قبل شعبها المروع والمذهول بسقوط نظامه القديم بسهولة ويسر وتحت سمع وبصر نظامه الجديد، بالاحتلال الصهيوني للجنوب السوري والذي يعد أكبر هجوم قام به جيش الاحتلال الصهيوني في تاريخه منذ تأسيس الكيان حيث دمر كل شيء في الدولة، ففي تحقيق سري أجرته المخابرات الألمانية بالتعاون مع بعض الدول الأوروبية في سورية ونشرته الصحف في أوروبا ونقلته عنها قناة الميادين الإخبارية تؤكد أن العدو الصهيوني في هجومه على الجنوب السوري المتزامن مع سقوط النظام قد "احتل مساحات واسعة في الجولان وقرب العاصمة دمشق وأجزاء من ريف ومدينة القنيطرة ومدينة البعث، وقام بتصفية واغتيال ٣٠٠ عالم سوري بخلاف عدد من رجال الدين في دمشق، وذبح وقتل وسحل وتصفية بالهوية لعدد من الشخصيات ومنها شخصيات عسكرية، وتدمير وقصف مبنى التحكم المركزي بالصواريخ الباليستية وتسويته بالأرض، وتدمير ٣٠٠٠ دبابة، وتدمير ما يقرب من ١٢ سفينة حربية، وتدمير ما يقرب من ٣٥ معسكر مع مخازن السلاح، وتدمير ١٤ مخزن صواريخ قصيرة وطويلة المدى وخمس مخازن لصواريخ الكاتيوشا وغراد روسية الصنع، وتدمير ٣٣ مخزن للأسلحة المتنوعة، وتدمير ٨٢ رادار للدفاع الجوي منها ٧ رادارات للطيران المدني خرجت من الخدمة نهائيا، وتدمير ٣٨٠ طائرة حربية، وتدمير معامل الصناعات العسكرية منها أربعة معامل للصناعات الكيميائية العسكرية، وتدمير المعامل والمختبرات العلمية في الكليات العسكرية ومختبرات الجامعات والمعاهد، وسرقة وتهريب احتياطي البنك المركزي من الذهب ونقله إلى القوات الأمريكية في الرقة شرق سورية، وسرقة وتهريب العملة الصعبة ونقلها إلى البنوك التركية، وإحراق سجل الهجرة والجوازات وألاف الوثائق في الاستخبارات والأمن"، ويشير التقرير أن هذه العملية الصهيونية المجرمة شاركت فيها "أغلب الشبكات العربية الإعلامية ومنها قناة الجزيرة القطرية التي تعاونت مع أمريكا وإسرائيل في تشتيت الأنظار بالحديث عن سجون سرية أنشأها النظام السوري وأظهرت التحقيقات والاستقصاء أن أغلب المقاطع للسجناء مفبركة بعضها من العراق وكوريا الشمالية وسجون كامبوديا وأفغانستان واستخدامها كمادة إعلامية لتشتيت الانتباه في منطقة الشرق الأوسط حتى يتم تنفيذ العملية من قبل إسرائيل وأمريكا وتركيا وبعض الأنظمة العربية المتعاونة معها". 

لذلك يمكننا القول بأن ما يقوم به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول فكرة التهجير والتوطين القسري لسكان غزة والضفة في كل من مصر والأردن والسعودية هو فقط لإلهاء الرأي العام العربي والعالمي وتجهيز العقل الجمعي لتقبل الفكرة لكن في النهاية سيكون النقل إلى سورية بعد التوغل الكبير للعدو الصهيوني في الجنوب السوري دون معارضة من نظامها الجديد الذي أكد رئيسه أنه غير معني بمواجهة الاحتلال الصهيوني، وأنه يسعى لسلام مزعوم مع العدو عبر وساطة أمريكية، وهو ما يعني القبول بالاحتلال الصهيوني، ولم يكتفي بذلك بل أصدر قرار بمنح الجنسية السورية للفلسطينيين المتواجدين في سورية، وبذلك يكون قد مهد الطريق أمام العدو الصهيوني لنقل سكان غزة والضفة إلى الجنوب السوري، لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو هل بهذه السهولة سوف يقبل أهالينا في غزة والضفة ترك وطنهم وأرضهم المتجذرين فيها ؟ والإجابة القاطعة التي لا يعيها العدو الصهيوني ومن خلفه العدو الأمريكي أنه إذا ما تمكنت من إخضاع الشعب السوري المغلوب على أمره وساعدك النظام الجديد في سورية على القبول بفكرة التوطين في الجنوب السوري، فكيف ستقنع الفلسطينيين بعملية التهجير، إن من صبر وقاوم العدو الصهيوني لما يزيد عن قرن من الزمان، لا يمكن لقوة في العالم إجباره على ترك أرضه، خاصة وأن هذا الشعب ليس وحده كما يظن الصهيوني والأمريكي بل خلفه محور مقاوم لأي فكرة أو فعل يسعى لإنهاء وتصفية القضية الفلسطينية، التي قدم أغلى ما عنده من أجلها وهي دماء شهدائه الأبرار، فهذه الدماء لن تهدر، اللهم بلغت اللهم فاشهد. 

بقلم / د. محمد سيد أحمد