في مشهد إنساني مؤثر أمام إحدى لجان امتحانات الثانوية العامة بمحافظة الغربية، جلس رجل في العقد السادس من عمره فوق الرصيف، لا تهمه حرارة الشمس ولا طول الانتظار، بل كانت عيناه تلاحق باب اللجنة، وكأنه يترقب لحظة فرح مستقبلية لم تأتِ بعد.
محمود حسن، يبلغ من العمر ٥٨ عامًا، جاء من إحدى قرى مركز زفتي، منذ ساعات الصباح الأولى، ليكون سندًا لابنه خلال امتحانات الثانوية العامة. لم يشكُ من التعب، ولم يبحث عن مظلة أو ظل، وإنما جلس بكل هدوء يراقب الباب ويتأمل المارة، وفي قلبه دعاء لا ينقطع.
"بحلم معاه.. وهعيش لحظة نجاحه زَي ما عشتها مع أخوه"
قال الأب في حديث لـ"الرأى العام":
"أنا هنا مش بس علشان أطمن عليه.. أنا باحلم معاه، باحضر لحظة البداية اللي هيكمل بيها طريقه، زي ما عمل أخوه الكبير اللي دخل كلية الهندسة، ونفسي أشوفه جنبه السنة الجاية، "أنا بحلم معاه والتضحية عشانهم أجمل متعة في الدنيا".
ويؤكد محمود أن مشوار التعليم بالنسبة له ليس فقط مسؤولية، بل رسالة وحلم مشترك يعيش فيه الأب قبل الابن، ويكمل:
لم أذق طعم النوم منذ يوم أمس، وأعددت له كل شيء من أدوات وطعام قبل الخروج لامتحان، وأخبرته قبل دخوله وقولت له أنا منتظرك وأنت قادر علي التفوق والمرور،
التضحية من أجل أولادنا هي المتعة الحقيقية
ورغم حرارة الجو والإرهاق والسن المتقدم، بدا الأب راضيًا تمامًا عن الموقف، مشيرًا إلى أن التضحية من أجل الأبناء ليست عبء بالعكس، هي أجمل احساس في الحياة، عندما تشعر إنك تشاركهم الحلم، وتدعمهم ولو بكلمة أو نظرة أمان قبل الامتحان.
وفي ختام حديثه، بعينين دامعتين، قال:
"أنا باعتبره الامتحان بتاعي مش بتاعه لوحده.. ونجاحه فرحتي الأكبر".