رئيس مجلس الإدارة
شريف عبد الغني
رئيس التحرير
ناصر أبو طاحون
المشرف العام على التحرير
محمود الشاذلى
رئيس التحرير التنفيذى
محمد عز
  1. الرئيسية
  2. وجهات نظر

الشيخ أبو بكر الجندي يكتب: فضل شهر شعبان

اقترب شهر رمضان, وفاحت عبيره في نفوس المحبين والمشتاقين, فجاء البشير (شهر شعبان) ليبشر المؤمنين ويوقظ النائمين , ويرد العاصين, والذي جاء في فضائله نصوص كثيرة, والتي منها:
ـ أنه شهر تحولت فيه القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام, وتحققت فيه أمنية النبي صلى الله عليه وسلم، وتمت فيه رغبته, قال تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا}[البقرة: 144].
ـ شهر شعبان فيه ليلة الغفران وهي ليلة النصف من شعبان والتي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الله ليطلع في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن", فهي ليلة الصفاء والنقاء والغفران التي يغفر الله تعالى فيها لغير المتخاصمين أو المتشاحنين, وهي ليلة المراجعة النهائية للعلاقات الاجتماعية قبل رمضان وما أصابها من تصدع أو فتور؛ لدخول الشهر الكريم بقلب سليم.
ـ شهر شعبان شهر ترفع فيه الأعمال, فالأعمال تعرض على الله تعالى صباح مساء، وهناك عرض أسبوعي في يوم الاثنين والخميس, وهناك عرض سنوي في شهر شعبان, الذي قال فيه النبي صلى الله وسلم: "وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين", وهناك العرض الأخروي الذي قال فيه رب العالمين: {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ}[الحاقة: 18], فهنيئاً لمن قبلت أعمالهم عند الله تعالى, ولأجل هذا صام النبي صلى الله عليه وسلم شعبان كله إلا قليلاً؛ فعن أسامة بن زيد قال قلت يا رسول الله لم أرك تصوم شهرا من الشهور ما تصوم من شعبان, قال: "ذلك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم", والصيام مقبول عند الله تعالى، ثم يشفع الصيام لقبول سائر الأعمال, قالت أم سلمة: "ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان".
ـ شهر شعبان شهر الاستعداد الروحي لشهر رمضان وما فيه من الخيرات والبركات, ومَن تهيأ له, وتَلَهَّفَ عليه كتلهف المحب لحبيبه الذي طال انتظاره, فهو أحرى بالنجاح والتوفيق والقبول فيه, كما كان حال المصطفى -صلى الله عليه وسلم- الذي كان يتشوق دائما إلى شهر رمضان, فيدعو ويقول: "اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان", وكان المسلمون إذا دخل شعبان أكبوا على المصاحف فقرؤوها؛ استعداداً لرمضان, وكان يقال: شعبان  شهر القراء.
أما الذين ينشطون للطاعة في أول شهر رمضان, دون استعداد فسرعان ما يصابون بالكسل والفتور, وَشَدٍّ في عضلاتهم ووهن في إرادتهم وعزيمتهم؛ لأنهم دخلوا الشهر الكريم من غير تسخين ولا استعداد, ثم يقبلون على معصيه الله؛ فالنفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل, حتى تأتي عليهم ليلة القدر وهم في معصية الله؛ فيُحرمون وخيرها, "وَلَا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلَّا مَحْرُومٌ", فشتان شتان بين طالب يستعد للامتحان من أول العام, وطالب لا يذاكر إلا ليلة الامتحان, فالصادق عند الله موفق ومقبول, والدعي عند الله مردود ومخذول, كما قال تعالى عن غير الصادقين: {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ}[التوبة: 46].